NOVANEWS
القرارات اليومية التي يصدرها الطاغية يوميا باعدام البحرانيين او سجنهم او سحب جنسياتهم او ابعادهم من البلاد انما هي اساليب اليائس من البقاء، الذي حزم امره على الرحيل ولكن بعد ان يحدث الضرر الاكبر للارض والشعب قبل مغادرته الى غير رجعة. كما ان اجراءاته الارهابية بحق السكان الاصليين، كاستباحة المنازل واستهداف النساء وتسليم البلاد للاجانب، كل ذلك تأكيد لحقيقة واحدة: ان المفاصلة الابدية بينه وشعب البحرين بلغت مرحلة اللارجعة، وان شعب البحرين قد تحرر الى الابد من الطغمة التي تحكمه بالحديد والنار. ولكن ماذا عن السياسة البريطانية في ضوء زيارة وزير خارجيتها للمنامة الاسبوع الماضي وتصريحاته التي استقبلت باستهجان وتقزز من الجهات الحقوقية الدولية، فضلا عن الغضب الذي اجتاح اوساط النشطاء البحرانيين؟
كيف يمكن تفسير تزامن صدور القرار الخليفي بمضاعفة عقوبة الشيخ علي سلمان مع زيارة فيليب هاموند للمنامة؟
وكيف يمكن تفسير حالة اللامبالاة التي اظهرها واصراره على وصف الممارسات القمعية الخليفية بـ “الاصلاح”؟
وربما السؤال الاصعب يتمثل بالبحث عن اسباب ما يبدو من اختلاف بين الموقفين الامريكي والبريطاني ازاء اضطهاد سماحة الشيخ علي سلمان. ففي الوقت الذي اثنى فيه هاموند على ما اسماه “الالتزام بالاصلاح” من قبل الخليفيين، فان المتحدث باسم الخارجية الامريكية، جون�� عبر عن “القلق البالغ” لصدور القرار الخليفي ودعى لاسقاط التهم عن الشيخ علي سلمان وذهب لأبعد من ذلك مطالبا بالافراج عنه. الاختلاف في الموقفين لغز محير، ولكنه يعكس، في احد جوانبه، حقيقة مهمة مفادها ان البريطانيين ماضون في سياسة دعم نظام التعذيب الخليفي وان حقوق الانسان لا مكان لها في المنظور البريطاني. وقد سبق ان اتهم وزير الخارجية البريطاني بانه الاقل اهتماما بها من بين سابقيه. وقبل شهرين أصدر وزير الخارجية الامريكي امرا للعصابة الخليفية باطلاق سراح المناضلة الشريفة، زينب الخواجة. فما كان من “الطرطور” الخليفي الا الاذعان للامر واعلان عزم عصابته على اطلاق سراحها. وبرغم تلكؤ الخليفيين في تنفيذ الامر الامريكي، الا انهم اطلقوا سراحها مرغمين، مع علمهم انها الاشد من بين كافة عناصر المعارضة في تحديهم، حتى انها كررت تمزيق صور الطاغية حتى في محكمته الصورية.
البحرانيون ليسوا في عجلة من امرهم بعد ان حققوا انجازا كبيرا يتمثل بكسر الحاجر النفسي التاريخي واعلانهم بشكل يومي عزمهم على تخليص البلاد من الحكم الخليفي وتطهير بلادهم من كافة مظاهر الاحتلال، ابتداء بالاحتلال الخليفي وانتهاء بالاحتلال السعودي. فعلى مدى القرون السابقة لم يرضخ السكان الاصليون للاجني، وأصروا دائما على مقاومة التدخل الخارجي، وكسروا ارادة المحتلين بالكفاح الوطني باشكاله المشروعة، وحموا ارضهم وثقافتهم وتاريخهم من تلك التدخلات. والسعوديون لن يكون مصير احتلالهم مختلفا عمن سبقهم. فمهما طال الوقت فان مصيرهم الى الخروج والاذعان لارادة شعب البحرين الحر الصامد. ان شعبا اعتقال افطاله الرضع وشيوخه الطاعنون في السن، ونساؤه المحتشمات، وشعراؤه وشاعراته، واطباؤه وطبيباته، ومعلموه ومعلماته، وطلابه وطالباته، لهو حقا شعب يستحق الحرية والحياة. وان حكما قمع كل اولئك البشر باكثر الاساليب وحشية لهو نظام فاقد لمقومات البقاء والاستمرار. وما الثوار الذين يتعالون على هراء العصابة المجرمة ويتصدون لجرائمها اليومية بالمزيد من الصبر والثبات والاصرار، الا نفر امتحن الله قلوبهم للتقوى، فاجتازوا الامتحان وبلغوا مرتبة عليا من الايمان بالغيب والثقة بالوعد الالهي المبرم الذي لا يستطيع طاغية او متجبر تجاهله او وقف نفاذه. انهم يكررون جهادا تاريخيا مارسه الآباء والاجداد منذ ايام بدر، وثبتوا في مواقعهم غير عابئين بالمكر الخليفي يوما. انهم يعلمون ان لهم موعدا مع النصر المؤزر الذي يختمر في بطن الغيب وسيظهره الله عما قريب لتقر به عيون المؤمنين الصابرين المحتسبين. تلك هي القاعدة التي تعلمها اتباع رسول الله واهل بيتهم عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام، وهي تعبير عن مبدأ الهي لا يتغير بان الله ينصر رسله وعباده الصالحين ويمحق اعداء الدين والانسانية، ويرسل عليهم شواظ من نار ونحاس فلا ينتصران.
يستقبل شعبنا العظيم شهر رمضان المبارك بمشاعر وأحاسيس ايمانية صادقة. فالثائر الحقيقي اكثر ارتباطا بالله سبحانه وتعالى من غيره، لانه يؤسس ثورته على رفض حاكمية الطغاة والديكتاتوريين، ويستمد قوته من الله. الثائر الحقيقي هو الصائم عن المحرمات ومنها الخضوع والخنوع والقبول بحكم الطواغيت المستكبرين: “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا”، او عدم الدفاع عن المظلومين “وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا”، او الاستكانة للظالمين: ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار، وما لكم من دون الله من اولياء ثم لا تنصرون”. شعبنا الثائر يصوم شهر رمضان هذا العام وقد تعمق ايمانه بحتمية النصر بعد ان اسقط الخليفيين سياسيا واخلاقيا وانسانية ومعنويا، فاصبحوا يزدادون غيا وسقوطا. اعتقلوا العلماء وهتكوا اعراض النساء واصدروا احكامهم بقتل الابرياء وسجن الاتقياء الاحرار، وتحالفوا مع الشيطان ومارسوا العدوان على الآخرين بحروبهم الظالمة، واستقدموا الاجانب لاحتلال البلاد مستعينين بهم على هدم المساجد وقتل المؤمنين وهتك الحرمات. وبالغ رموزهم في الغرور والاستكبار حتى اعلن وزير خارجيتهم اعتراضه على “دبلوماسية” الامريكيين حين اعترضوا على الجرائم التي ترتكبها العصابة التي ينتمي لها، وقرارهم الاخير بمضاعفة سجن سماحة الشيخ علي سلمان.
شهر رمضان يحمل للشعب ذكريات عظيمة، تاريخية ومعاصرة، منها ما يرتبط بغزوة بدر الكبرى التي كانت مصداقا للآية الكريمة: “كما من فئة صغيرة غلبت فئة كبيرة باذن الله، والله مع الصابرين”، ليطمئن قلبه الى حتمية هزيمة الحزب القبلي الجاهلي الذي استهدف الاخيار وتآمر ضد الاسلام باسم العصبية القبلية والانتماء العرقي. كما يذكره بالسجين الاول من سجناء الصحوة الاسلامية. ففي سبتمبر 1979 اعتقل المرحوم الشيخ محمد علي العكري لدى عودته من الخارج، ومعه الشهيد الشيخ جمال العصفور (الذي لم يعتقل آنذاك). جاء الاعتقال وفقا لقانون امن الدولة السيء الصيت الذي اسقطته الانتفاضة المباركة في التسعينات، نصا، وبقي روحا وممارسة. طرح الشيخ العكري مطالب كانت استمرارا للمطالب الوطنية التي ضحى المناضلون قبله من اجلها، فكان نصيبه السجن خمسين شهرا بدون محاكمة. شهر رمضان الكريم صنع في نفوس الشعب مشاعر التحمل والصبر والتضحية من اجل الحق ورفض العبودية لغير الله تعالى، والايمان العميق بحتمية النصر الالهي الذي وعد المؤمنون به بشرطين “بلى ان تصبروا وتتقوا”. فهو اذن فرصة للتزود الايماني، وتجديد العهد مع الله سبحانه وتعالى والشهداء بمواصلة طريق الجهاد عبر مشروع المقاومة المدنية السلمية التي هزت اركان الاحتلال الخليفي والغته من الكيان الانساني، وستسقطه في مزبلة التاريخ التي هي مآل الطغاة والجلادين والمعذبين والمستكبرين. انه الوعد الالهي المحتوم الذي لا يقوى احد على منع نفا ذه: ولن تجد لسنة الله تبديلا. صبرا صبرا ايها الصائمون العابدون المجاهدون الثائرون، فالنصر آت ما دمتم متوكلين على الله، فلا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
3 يونيو 2016



