مظاهرات 1963لضم الأردن إلى الوحدة المصرية السورية العراقي

Why Arab reactionary regimes do imperialism's bidding

By: Adel Samara

 مظاهرات 1963لضم الأردن إلى الوحدة المصرية السورية العراقية

بعضا من مذكراتيعادل سمارهكنا طلبة أربع في الصف الثانوي الثالث في مدرسة رام الله الثانويةعام 1963، أحمد يسين مطر، وعازم البرغوثي ووليد العزة وأنا، متنورين نسبيا، قررنا تشكيل ما اسميناه “منظمة فلسطين الكبرى” مع أننا أربعة فقط. كنا نلتقي في مقبرة رام الله اسبوعيا نناقش القضية الوطنية الفلسطينية وكنا مشدودين جداً للآنقلابات العسكرية في عدة بلدان عربية في تلك المرحلة باعتبار ذلك أقصر الطرق للتخلص من الأنظمة الرجعية والعميلة ومن ثم إنجاز الوحدة العربية.أذكر أنني إثر انقلاب الانفصال 1961 الذي قادته زمرة عسكرية سورية مرتبطة بالنظام الأردني وأمريكا طبعاً صُدمنا جميعاً. كنت اربط خيطا أسود من الصوف على يدي اليمنى في اقرب جزء من الكتف تعبيراً عن الحداد على الوحدة بيني وبين نفسي.أُعلنت الوحدة الثلاثية كما أذكر في 17 نيسان 1963 بين مصر وسوريا والعراق، إلتقينا يوم ذاك وقررنا المبادرة بمظاهرات تطالب بانضمام الأردن للوحدة.قمنا بتجربة يوم الجمعة 20 نيسان 1963 حيث ذهبنا إلى القدس ودخلنا المسجد الأقصى على أن نكون في آخر الصفوف واقرب إلى الأبواب وحين يخرج المصلين نشرع في الهتاف نحن الأربعة فيبدو كأن كل المصلين الخارجين من الصلاة هم معنا.وبالفعل كان التخطيط موفقاً فشارك كثير من الناس الهتاف وتدخلت الشرطة وفضت التظاهرة ولم نُعتقل نحن.في اليوم التالي السبت 21 نيسان 1963 نسقنا مع طلبة في المدارس الثانوية الأخرى وبدأنا من مدرستنا رام الله الثانوية إلى وسط المدينة /ميدان المنارة وهناك التقانا سعاده الجلاد مدير شرطة رام الله ونصحنا بالتفرق فرفضنا والتقى معنا طلبة المدرسة الهاشمية (أصبح في مبناها اليوم مركزا ثقافيا) ثم انطلقنا إلى ثانوية بنات رام الله حيث أغلقت المديرة البوابة الحديدية وكنَّ الطالبات يهتفن من داخل غرف الصفوف، لكننا خلعناها بايدينا ثم ذهبنا إلى مدرسة البيرة الجديدة/الثانوية على بعد 2 كم من مركز المدينة وكانت الناس تنضم إلينا بشكل هائل وعدنا إلى مدينة رام الله عبر مدينة البيرة. أذكر انني وقفت في مقدمة المظاهرة على جدار منتزه بلدية البيرة الحالي ونظرت إلى الجنوب حيث الشارع العريض والمنتهي بطول اكثر من 300 متر كان مزدحما بالناس بين من يحمل عصا أو غصن شجرة أو راية…الخ.ثم واصلنا السير مرورا بمدرسة الفرندز حيث أغلق المدير الأبواب على الطلاب، فاقترحت تحطيم زجاج الشبابيك بالحجاره وخاصة الطابق الثاني. وعدنا إلى ميدان المنارة وإذ الجيش الأردني يملأ المكان

. كنا الطلاب امام الطالبات اللواتي طبعا كن يحمسننا.هاجمنا الجيش ليأخذ الراية المكونة من أربعة نجوم فأقمنا حائطا حول مصطفى سلامه حامل الراية ومنعنا الجيش من أخذها وخلال ذلك ضربني جندي بهراوة فأس على كتفي وأُصبت بحجر في أسفل ساقي اليسرى.وخلال الاشتباك توقفت شاحنة مملوءة بالحجارة يقودها شخص اعرفه كثيرا ما سُجن باعتباره لصا لقبه “زُلِّيط” فقلب الحجارة وسط الشارع مما زودنا بما نرد به على الجيش الذي أخذ حينها يطلق الرصاص. لاحقاً فهمت أنه حتى الشرائح الرثة من المجتمع يمكن أن تتحول لصالح الثورة إذا توفر مناخ وطبعاً قيادة جذرية. تفرقت التظاهرة. لكننا اتفقنا، بضعة طلاب، أن نقوم بعملية إلتفاف من وراء الجيش ونضربهم. هذا وكأننا جيشا مقابل جيش! نزلنا باتجاه عين مصباح ومن هناك شرقا إلى المدرسة الهاشمية وبدأنا نضرب الجيش بالحجارة ونتقدم نحوهم إلى أن وصلنا مسافة 50 متراً عن ميدان المناره فأُصبت برصاصة في ساقي اليمنى من جندي على فرندة سينما الوليد حينها.مددت يدي إلى ساقي فدخل إصبعي في الجرح وكان الدم يتدفق ساخنا، فأخذت صرارة ووضعتها في منديل من القماش وربطت الجرح كي يوقف النزيف كما شرح لنا ذات يوم أحد المعلمين كي نقوم بالإسعافات الأولية.أخذني عبد الله رزق صاحب مخبز الأرز ، أصبح لاحقا رئيس بلدية بيتونيا، بسيارته إلى مشفى رام الله القديم. كان هناك 21 جريحا منهم أحد الأربعة احمد يسين مطر، اسعفوني هناك وأعطيتهم غير إسمي وغير قريتي، ثم هربت ومشيت من رام الله إلى بيتونيا قرابة 4 كم.

وهناك لم أعد قادراً على المشي حيث الجرح اشتد ألمه. .أخذني مدرب سياقة من بيتونيا ،إبراهيم الطاهر، بسيارته إلى قريتنا ولكنه توقف قبل القرية ب كيلو متر في رأس الجبل المطل على القرية واسمه “راس لعراق/اي الصخر او لعراق لبيض لأنه بقعة صخرية ملساء وبيضاء تقارب الدونم”. (اليوم تقام عليه مستوطنة اسماها العدو بيت حورون أي مقابل إسم قريتنا بيت عور)! قال السائق: في وسط قريتكم جيش وأخاف أوصلك. فاضطررت للمشي خطوة خطوة.كان جميع الطلبة قد وصلوا بيوتهم وكان أبي في طرف القرية يتوقع مجيئي وحينما وصلت قال:عدنان (كان هذا إسمي الأصلي) ماكل قتلة؟قلت نعم. لم أخبره بالرصاصة خاصة انني كنت ألبس بنطال جينز لا يظهر عليه لون الدم.في الليل أخبرت أخي فريد فدعا ممرضا من القرية وقام بتنظيف الجرح، ولكن بعد عدة ايام تعفن الجرح. ذهبنا إلى عيادة المرحوم د. موسى ابو غوش فقال ممكن أسحب الرصاصة لكن ممكن تصاب ساقك ب غنغرينا. فاضطررت للذهاب إلى مشتشفى (اوغستا فكتوريا /المطَّلع في القدس) وهناك انكشف اسمي طبعا وكان فيه عدة جرحى. ذات يوم جاء شاب ودخل غرفة الجرحى دون أن يلحظه الشرطي الحارس وأعطى كل واحد منا مغلفا مكتوب عليه” جمعية المناضل الجريح” وفيه نصف دينار اردني.وبعد شفائي جاء ابي ومعه شرطي ومن هناك إلى رام الله. وحين وصلنا رام الله قال الشرطي لأبي أنت مع السلامة.قال أبي والولد؟

قال الشرطي إلى السجن.كان ابي صاحب نكتة فقال:ما شاء الله انت جايبني أسلمك الولد.التحقيق:سلمني الشرطي لضابط شرطة برتبة ملازم أول اسمه ابراهيم الجلاد وضابط جيش ملازم أول ايضا اسمه محمد المبسلط. كان ضابط الشرطة جالسا يكتب اقوالي وضابط الجيش يُحقق.قال: لماذا شاركت في المظاهرةقلت: لم اشارك(كان اخي فريد وهو ضابط جرى فصله من الجيش ضمن اعتقالات محاولات الانقلابات العسكرية وكان تحت الإقامة الجبرية في البيت خمس سنوات.

كان يقول لي إياك تعترف).لم أكن منخرطاً في تنظيم بعد، لكن لأن المباحث ذهبت للقرية التي وضعت انني منها وغيرت إسمي ولم تجد هذا الإسم صار عندهم شكوكاً انني أنا الشخص وأنني عضو في تنظيم وغيرت إسمي بناء على تعليمات حزبية. قال الضابط: وكيف انجرحت؟قلت: كنت على الدراجة فأصابتني رصاصة طائشة.ضربني حتى تعب هو. وفي النهاية قال:”أنت بدك بارودة في ثُمَّك وبارودة في صرمك حتى تعترف”، ونُقلت إلى السجن.كان فيه مجموعة من البعثيين حيث وضعوني عندهم وكانوا يعرفون أخي فريد منهم محمد أمين وعبد الجواد صالح ، من الأحياء، وعياد المالكي ومنير المالكي ونديم الزرو، أعتقد أنهم تُوفوا…الخالصحفي:حينما كنا نخرج لساحة السجن تعرفت على صحفي وصرت أمشي معه. وذات يوم طلبني شاويش السجن “فوزي أمين/ابو أنور” كانا معي في المدرسة إبنيه أنور ومروان، وكان يعرفني جيدا. وقال لي لماذا تمشي مع الصحفي، وأكلت علقة.بقينا في السجن إلى أن اختلف ناصر والبعثيين وتمزقت الوحدة التي كانت مجرد مشروع ومحادثات ونشر هيكل مقالاته في الأهرام ضد البعث. لاحقاً، اي بعد خمسين سنة وصلت إلى الاستنتاج بأن القوى قومية الشعارات هي جوهريا قطرية.

بعد فشل الوحدة أصبح النظام الأردني أكثر “اطمئناناً” فقُدِّمنا لمحكمة عسكرية برئاسة العقيد نزار المفلح في القدس.كانت الأحكام مخففة لأن الوحدة انهارت لذا، جرى تبديل الأحكام بالغرامات.حينها رأيت أول مشهد طبقي دون أن أحلله.دفع كل متهم غرامة عن نفسه، ودفع المحامي مختار جرار غرامات عن البعثيين، ودفع ابي غرامة عني، وبقي عاملان يعملان في النجارة وقالا لا نملك فلوساً فُحكما بالسجن. لاحقاً أدركت ما معنى أن يختار المناضل السجن لأنه فقير.بعدها ضمني إلى حركة القوميين العرب المرحوم الأستاذ يعقوب العبيدي.كان علي أن أذهب من القرية إلى المدينة مرتين في الأسبوع على الأقل لحضور الجلسات والنشاط الحزبي، وهذا ليس سهلا في العطلة الصيفية ولطالب قروي آنذاك. لذا تذرعت في كل صيفية بأنني أتعلم الطباعة والمحاسبة. تعلمت الطباعة بإصبع واحد ولم اتحسن حتى اليوم.كان ما يهم أبي أن التقي راعي أغنامنا “عطا أبو حسن” في نهاية النهار، ولذا كنت أرشي عطا بعلبة سجائر ليقول انني رافقته.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *