LEBANON: PEOPLE WAR

NOVANEWS

 

30 Aug 2010

خالد برّاج

لا زال السياسيون المنتمون إلى هذا الفريق أو ذاك إضافةً إلى الصحافيين و المحلِلين السياسيين (و ما أكثرهم) يُتحِفونا كل يوم بإستعمال تعابير و مفردات هي على الأقل هرطقة من الناحية القانونية و الدستورية و أبرز هذه العبارات التّي نسمع تردادها بشكل يومي على لسان “كبار القوم” من نوّاب و وزراء إلى رؤساء و أمناء ” الدكاكين الحزبية ” (و هو الوصف المنطقي و الفعلي للحالة و الجسم الحزبي في لبنان) هي عبارة ” الموالاة و المعارضة “.

فعن أيّ موالاة يتحدّثون حين تكون غير قادرة على الحكم بمفردها بسبب طبيعة النظام اللبناني الطائفي المذهبي و منطِق القوّة الميلشيوي و عن أي معارضة يتحدّثون حين تُصبح هذه المعارضة شريكاً أساسياً في حكومةٍ تُفترض أن تكون حكومة وحدةٍ وطنية, فمنِ الغير المنطقي (في بلدٍ غاب فيه المنطق منذ عقود) تصنيف الأفرقاء السياسيين المشاركين في الحكومة كفريقٍ موالٍ و فريقٍ معارض لأنّ الجميع و لمجرّد المشاركة في حكومة وحدةٍ وطنية أصبحوا بالعرف السياسي و الدستوري موالون و عليه فإنّ وزرائهم المعيّنون أصبحوا مُلزمين بمبدأ التضامن الوزاري.

إنّ المعارضة لا تكون من ضمن الحكومة بل هي تأخذ طابع معارضة شعبية في بعض (أو كثير) من الأحيان أو معارضة برلمانية في مجلس النوّاب عملاً بدساتير معظم الأنظمة الديمقراطية (يُستثنى من ذلك بطبيعة الحال النظام العربي الرسمي بشِقيه التقدمي و الرجعي أو بتصنيفه الجديد بين ممانع و معتدِل) لكن بمجرّد دخول حزب معارض (أو عدّة أحزاب معارضة) إلى حكومة وحدةٍ وطنِية فإنّ صفة المعارضة تسقُط عن هذا الحزب أو ذاك و يتحوّل الحزب إلى حزبٍ موالٍ يُوافق و يطبِق من خلال وزرائه سياسة الحكومة الرسمية من الناحية السياسية, الإقتصادية, المالية و الإجتماعية.

 لكن هامش الإعتراض موجود من خلال تحفظّ وزير على قرارٍ أو مرسوم خلال جلسات مجلس الوزراء و هو تحفّظ يحصل أيضاً في حكومات من لونٍ واحد لكن مهما كانت درجة التحفظّ أو الإعتراض فإنّ ذلك يجب أن لا يمسّ بمبدأ التضامن الوزاري و هو مبدأ أساسي و مُلزِم من الناحية القانونية و الدستورية و في حال الإخلال بقواعده فإنّ ركائز الحكومة (من لون واحد أو وحدة وطنية) تُصاب بالخلل و تدخل البلاد في أزمةٍ لوجود تعارض علني داخل الحكومة ممّا يهدِد إستمراريتها (إستقالة رئيس الوزراء – إستقالة الوزراء المعترضون إلخ….)

طبعاً الوضع في لبنان مغاير تماماً, فعدم التضامن الوزاري هو السائد و التصنيف الخاطىء لفرقاء في الحكومة الحالية (أو أي حكومة وحدة وطنية) على أساس موالاة و معارضة أصبح عادياً جدّاً حتّى أنّ بعض رجال القانون المنتمون إلى الأحزاب (أو الدكاكين الحزبية كما يحلو لي أن أصف الواقع الحزبي في لبنان) يطلقون تلك الصّفات على فرقاء الحكومة الحالية في البرامج السياسية على مختلف المحطّات اللبنانية.

إنّ عدم إحترام مبدأ التضامن الوزاري و خرقه بهذا الشكل الفاضح كل يوم من قبل وزراء حكومتنا الحالية يُبيِن لنا مدى هشاشة و رجعية النظام اللبناني , لا شكّ أنّ عدم إحترام مبدأ التضامن الوزاري يستمِد قوتّه من الخلل البنيوي للنظام اللبناني الذي أعطى كيانات و جماعات طائفية و مذهبية أفضلية و أحقِية على النظام العام المدني, إنّ الوزير الذي يخرق مبدأ التضامن الوزاري من خلال تصريح أو موقف إعلامي غالباً ما يفعل ذلك ليس دفاعاً كما هو ظاهر عن مصالح المجتمع إنّما دفاعاً فقط عن مصالح الطائفة التي ينتمي إليها.

إنّ إطلاق صفة موالٍ و معارض على وزير في حكومة وحدة وطنية هو بحدّ ذاته خرق لمبدأ التضامن الوزاري, فكيف لشخصٍ (أو حزبٍ) أن يكون معارضاً لحكومة هو مشارك فيها ؟؟؟ بدعةٍ أخرى من بدع نظامٍ طائفي مذهبي زبائني مهترء.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *