NOVANEWS
هاهي اليوم عجلات الدنيا تسير على أجساد الاسلاميين وأشلاء أحلامهم ..وهاهي عجلات الاتفاقات الدولية تفرم أصابع الاسلاميين وتمر عجلاتها على سيقانهم .. الاسلاميون احرقوا اصابعهم شموعا للغرب من أجل أن يعطيهم السلطة .. لكن الغرب صافح ايران .. واعترف لروسيا بنفوذها .. ولايعنيه ان زعل الاسلاميون واتهموه بالنفاق والتراجع .. فالغرب لايحمي المغفلين ولايصافح الأيدي التي باتت بلا أصابع
نعم .. صرت أمرّ بالكلام والمؤتمرات والتصريحات الثورية كأنني أمر على النشرات السياسية القديمة لحزب البعث التي كانت توزع يوما في عهد الرفيق سليمان قداح والرفيق عبد الحليم خدام .. قلما اقرأها وكثيرا ما أضعها دون قراءة تحت فنجان القهوة كيلا يندلق على مكتبي .. نعم لقد صارت خطابات الثوار وكتاباتهم مكررة ومملة ومثقلة بعبارات من حطب وليس في فمها سوى نشارة الخشب .. وتعب مبلل بالتعب .. فالمشروع الثوري الاسلامي تحطم تحطما شديدا ولم يعد يهدد أو يخيف أحدا .. وهاهي التوافقات الدولية تتفق على اكمال التحطيم .. وسقط اكبر مشروع اسلامي للحكم في شر أعماله بسبب سوء نواياه وسوء تقدير قادته وبسبب “رضاعة الكبار” فيهم من ضروع بقرة اسرائيلية وأوروبية .. ومن أثداء تسيبي ليفني وأثداء سالومه القاتلة وغولدامائير
فكم رضع الثوار من قاموس (جبهة الجولان الصامتة) وكم طحنوا اسمه بين أضراسهم في كل وليمة ثورية .. وكم بكوا سلاسل الدبابات السورية الصدئة كما قالوا .. لكن تبين الآن للجميع أن ليس صدأ المدافع السورية على الجولان هو مايثيرهم بل صدأ الدبابات الاسرائيلية وطائرات الناتو التي لم تتحرك معهم ولم تقاتل معهم رغم دموعهم التي سكبوها كالزيت والشحم على محركاتها .. كم أكثروا من سكب الزيت والشحم على محركات الطائرات الاسرائيلية والأطلسية وهم يسكبون تهديداتهم وشتائمهم بسخاء على ايران وحسن نصرالله .. وكم مسحوا مدافع الدبابات الاسرائيلية بأعلام الثورة وزيت السلام و “الشالوم” ؟؟
هل هناك بعد الآن من لم يسمع الكلام عن جبهة الجولان التي ينطلق الثوار منها نحو سورية وليس نحو اسرائيل .. اسرائيل من خلفهم وسورية من أمامهم .. وبعد هذا لايزال بعضهم لايتردد في الكتابة عن صدأ السلاح السوري في الجولان ويكتب لنا بالمسامير الصدئة عن المقاومة كتابة يعلوها الصدأ.. والكلام الصدئ يمر فوق الكلام الصدئ بتثاقل ويسمع السامع صوت اصطكاك الصدأ بالصدأ وتلكؤ أسنان الكلام وتكسر مسننات اللغة وهي تئن لتدوير الكلام الذي تآكلت حروفه
ومن منا الآن لا يزم شفتيه ويتضجر من النفاق بل ويضحك ملء شدقيه وهو يسمع خطاب الاسلاميين عن عدائهم للغرب واسرائيل فيما الغرب يرعاهم والغرب يطعمهم ويسلحهم .. واذا بهم ينطلقون وظهورهم الى “أورشليم” ووجوههم نحو دمشق ..حتى مقاتلو فلسطين الاسلاميون .. ولم يعد يمكن تجاهل أن الاسلاميين هم جيش رديف للغرب وهم قصبة الهواء لاسرائيل التي كلما غرقت تتنفس من خلالهم .. فكما تنفست بعد أحداث سبتمبر التي تبرع بها الاسلاميون فانقشعت غمة العمليات الاستشهادية عنها بسبب انهيار أبراج نيويورك .. فهاهي الآن تلعق المسجد الأقصى ويسيل لعابها على حيطانه وعلى قبته .. لأن جيوش الاسلاميين وحماس ورائد صلاح وكل المجاهدين يشاغلون حزب الله والجيش السوري عنها ويهددون ايران والعراق بالثبور وعواقب الأمور .. ويقتلون انفسهم في كل شوارع الدنيا الا شوارع اسرائيل
لم يعد لدى الثورات العربية شعارات تخبزها للناس ولم يبق للثورة السورية سوى خبز يابس .. ولم تعد تملك شعارا واحدا حيا كي نبارزه .. كلها شعارات فقدت روحها وسلاحها وشبابها وماتت
كل مابناه أردوغان يتهاوى .. سقطت سورية من سلته وهاهي مصر تسقط من سلته أيضا وهاهو يخرج من مصر بعد أن خرج من سورية كالبعير الأجرب ..عالم أردوغان الاخواني يتآكل .. وفتوحاته كانت قصيرة الأمد جدا .. وامبراطوريته انكمشت بسرعة .. لكنه لايستطيع ابتلاع الحقيقة الكبيرة ويغص بها بلعومه قيهرول غربا وشرقا ..ويسعى بين العواصم
سلوك اردوغان اليوم لايفهم في علم السياسة على أنه مناورات الأقوياء بل مناورات الصراع من أجل البقاء .. يشبه أردوغان هذه الأيام رجلا ظمآنا يهرول في كل اتجاه يحاول أن يملأ سلته السياسية بالماء فيرميها في كل الآبار ويرفعها لتعود اليه بلا ماء .. يذهب شمالا الى روسيا ويتوجه شرقا الى دياربكر ويرسل مهندس الأصفار العراق .. ويدور على العواصم يستجدي عاصمة تملأ له سلاله السياسية بالماء ليسقي بها مابقي من حكمه وعهده .. ولكن الحقيقة هي أن ايام الرجل ليست معدودة بعد ولكن من اليقيني أن عام 2014 هو أسوأ عام سيكون في حياته ان لم يكن نهاية عصر الأردوغانية كما صار يلوح .. والرجل صار يبحث عن النجاة من هذا المصير الذي لم يتوقعه وكان يعتقد انه سيدخل الخلود التركي في الضمير التركي .. ولكنه سيكون محظوظا ان لم يلعنه الأتراك على حماقاته .. ويكون له دور أبي عبد الله الصغير في الأندلس حيث سيسلم مفاتيح العهد الاسلامي لقادة أتراك جدد
بدا لي اليوم أردوغان في اضعف حالاته وأكثرها مأساوية وهو يهرول باحثا عن مخرج من الوادي الثوري المفقود .. وملامحه وهو الى جانب فلاديمير بوتين تقول انه لم يكن موفقا .. وهاهو لايكاد ينتهي من عودة سلته الفارغة من روسيا حتى يخسر مصر .. التي ترمي سلته في وجهه
عندما سمعت أردوغان يخاطب السيد مسعود البارازاني في مهرجان دياربكر بكلمة (أخي مسعود) ويشير اليه دوما بتعبير أخي مسعود .. لم أتمكن من مقاومة ابتسامة تمددت على سرير فمي وتمططت .. وأعلنت العصيان ورفضت مغادرة فمي لأنني تذكرت أخوة أردوغان مع أخيه الرئيس بشار الأسد عندما كان يرى في أخيه بشار الأسد شخصا سيفتح أمام تركيا كل الجنوب العربي .. وكنت أنتظر منه في روسيا ان يخاطب فلاديمير بوتين ب (أخي فلاديمير) .. لأن الأخوة في عرف أردوغان تعني أنه لايقولها الا وهو ضعيف ويريد التسلل الى بيوت الناس ليفخخها بالمؤامرات والدسائس
أضحكني أردوغان وهو يتآخى مع الأكراد وبالذات مع السيد مسعود البارازاني لأنه شاءت الظروف يوما أنني التقيت مع السيد مسعود البارازاني في احدى زياراته الى دمشق حين استقبلنيي في الفندق الذي يقيم فيه .. ويومها حاصرت السيد مسعود البارزاني بأسئلتي عن الحلم الكردي وطموحاته وبدا الضيق عليه والتبرم وهو يتهرب بعينيه من عيني اللتين كانتا تصران على الايضاح .. يومها تحدث السيد مسعود البارازاني عن الحرية والحاجة للعراق الديمقراطي ضد استبداد صدام حسين .. وأن تسليط الضوء على الشأن الكردي سيقلل من البحث عن لب الأزمة الكامنة في نقص الحرية والديمقراطية
وبعدها بأيام التقيت مع شخصية تركية زائرة .. وقلت له ماقاله لي البارازني .. يومها ضحك الزائر التركي طويلا .. وهو يهز رأسه .. ثم قال لي والضحك يعانق عباراته: وهل تصدقه؟؟ فقلت: لم لا؟؟ فقال: هذا رجل كذاب .. ويكفي أنه كردي لتعرف أنه لايوثق به؟؟ ثم أضاف: في العراق قال لي تاجر عراقي بأن المثل الشعبي يقول بأنه اذا كان الكردي دينارا من ذهب فلا تضعه في جيبك لأنه سيثقبها ويسقط منها؟؟ أي عند حاجته لن تجده حتى لوكان في جيبك .. ونصيحة تركيا لكم هي احذروا الأكراد ..لأننا نعرفهم أكثر منكم
ومن يومها لم ألتق بمسعود ولا بالشخص التركي .. الى أن التقى أردوغان بأخيه مسعود .. ولكنني عندما لمحت ذلك العناق والاحتفالية في ديار بكر .. ضحكت طويلا .. وهززت رأسي .. وكان الضحك يعانقني مع مفاجاة مذهلة لأن الزائر التركي الذي كان يصف لي الكردي بأنه لاعهد له ولاميثاق وبأنه لن يضعه في جيبه حتى لوكان دينارا من الذهب كان يقف خلف أردوغان في حفل استقبال “أخيهم” مسعود .. ويبدو أنه من ناصحيه في الشأن الكردي .. المنافق أردوغان يريد مشاغلة الأكراد بمسرحية عاطفية من مسرحياته لأنه بات في العرف السياسي شخصا يتهاوى .. ولاشك لدي أن دينار الذهب الكردي مسعود البارازاني لن يخيب ظن المثل العراقي عندما ينزل في جيب أردوغان ..ليس لأن مسعود أو الكردي لاعهد له كما يدعي الأتراك بل لأن التركي لا جيوب له ليضع فيها مواثيقه ودنانير الذهب .. وليس له جيوب لأن سرواله قد سقط في سورية وسحله له ضباط وجنود الجيش السوري .. وسار التركي السلجوقي يسير بساقيه العاريتين في شوارع الشرق
أردوغان ينصرف بالتدريج لحل معضلاته القادمة .. ولكن الدنيا تتغير بسرعة .. وهذه الاتفاقات الأخيرة الكيماوية والنووية التي شملت سورية وايران تعني أن الغرب سلم بتحالف القرن الواحد والعشرين بين روسيا وايران وسورية والعراق .. وصار الاتفاقان النووي والكيماوي يقرئان في المدارس الغربية على أنهما بداية هدنة طويلة الأمد بين المحورين .. يشبهه البعض بالاتفاق الذي أنجز بعد حرب الكويت بين الروس والأمريكان .. والهدنة الطويلة في الشرق التي استمرت حتى سقوط أبراج نيويورك .. فبعد الأزمات الطاحنة تبدأ الهدنة الطويلة والمؤتمرات
الاتفاقات الأخيرة الكيماوية والنووية ستعني أن الغرب سيسلم للسوريين والايرانيين بشؤونهما في المنطقة كما تم التسليم لسورية بعد حرب الكويت بشؤون لبنان وتدبير فترة مابعد الرئيس الراحل حافظ الأسد في سورية دون تدخل وتم الدفع باسرائيل الى مفاوضات على الجولان
واليوم وبعد الاتفاقين النووي والكيماوي سيكون جنيف 2 بمثابة مؤتمر مدريد ثان .. ولن يكون من أجل حل المشكلة السورية بل لتسليم الملف السوري للروس .. ويتم تداول أفكار شبه نهائية ستعرض في جنيف 2 ستتضمن عدم التدخل في نظام الحكم في سورية واعتباره شأنا داخليا بحتا .. وسيتم استئصال الحركات الدينية المتطرفة أو تهجيرها من المنطقة التي صارت منطقة نفوذ روسي
والغريب أن بعض النفوذ سيعاد للسوريين في لبنان لاستئصال التيار الاسلامي المتطرف كونه صار مصدر لااستقرار لخطوط نفوذ روسيا وسورية .. وقد يعني هذا رحيل سعد الحريري نهائيا عن الساحة اللبنانية .. نسخة معاكسة لما حدث في مؤتمر مدريد للسلام الذي سلم السوفييت فيه اميريكا كل ملف الشرق الاوسط .. فولدت أوسلو ووادي عربة
اتفاق ايران والغرب يقرأ الآن على أنه بداية هدنة في كل المنطقة ستستمر بين 10 -15 سنة بين أطراف الصراع جميعا تخرج فيه سايكس بيكو 2 من حيز التطبيق وتعاد الى الثلاجات والرفوف .. وتنزل روح يالطة الى الجغرافيا الكبرى .. وبدل خطوط سايكس بيكو الثانية ستخرج الخطوط من داخل بلاد الشام والعراق
قلق اسرائيل كبير ايضا لأن ماكانت تريده هو تمزيق الجغرافيا المحيطة بها اربا اربا والحاق ايران بمصير العراق .. لكن الهدنة التي قد تشملها أيضا ستعني لها أن محور ايران – العراق – سورية سيتاح له الوقت الكافي لبناء قوة عسكرية هائلة مدعومة باقتصاد متكامل في النفط والغاز السوري القادم والنفط العراقي والطاقة الايرانية .. وأن عليها التعايش مع نهوض قوة هائلة على كتفها كما تتعايش مع حزب الله دون قدرة على ازالته .. ولاأحد يدري ماذا سيحدث بعد ذلك
ولذلك ينظر الجميع بتفهم الى قلق أردوغان من تلك الخطوط التي تتحرك وتتلوى في اعلانه أخوته مع البارازني والأكراد لايقاف تطلعاتها نحوه .. ومحاولته الحمقاء اليائسة لايقاف عجلات القطار – الذي تحرك بمحركات كيماوية ونووية – بأن يثير الغبار في مصر ويعيد احياء الاخوان .. أو يعيد أخوّته مع الرئيس بشار الأسد بوساطة “أخيه” فلاديمير بوتين .. ولكن السلطان السلجوقي بالفعل داخ من السياسة وأصيب بالدوار والصداع .. وأفضل دواء للصداع هو … السيف
القطار النووي تحرك وسبقه القطار الكيماوي .. فيما وصل القطار الاخواني الى نهاية الرحلة والى آخر محطاته التي يترجل منها الثوار .. جميعنا بانتظار أحداث كبرى قادمة .. وتخلخلات كبرى .. فالاتفاقات الدولية تقضي الآن بأن كتلة السعودية والخليج بقيت وحيدة في مهب الريح الدولية .. وتركيا الاسلامية تلعق جراحها .. وسايكس بيكو الثاني يدخل بياته الشتوي .. ولذلك ينتظر أن يقوم الغرب باجراء تعديلات ضمن مناطق نفوذه وبيوت حلفائه الداخلية .. فلم يعد لهم وجودهم مقبولا دون
تغييرات جوهرية تناسب عصر اللااسلاميين
ولايتردد الكثيرون الآن في توقع أن حدثا كبيرا
سيحدث خلال أشهر اما في تركيا أو السعودية