وهل يستوي الحب مع من قتَل ؟

لارا فابيان لن تغني الحب في لبنان

صبا البزري- لبنان

طالما عهدنا الفن مرتبطاً برهافة الإحساس، وعرفناه خيرَ رسالةٍ للحبّ والسلام عبر الأزمان وبين الشعوب . فكيفَ لنجمة الإحساس والحبّ ان تصرّح بمحبّتها لقوميّة لها من الإجرام والقتل والعنف ملفات وتاريخ خطّت سطوره على حيطان عربيّة بدماء أطفالِ لا يعرفون وطناً الا الحبّ.
ما إن ظهر إعلان حفل المغنيّة البلجيكيّة – الإيطالية لارا فابيان عشيّة عيد الحبّ على وسائل الإعلام اللبنانيّة، حتى أطلقت مجموعة ” مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان” صرختها احتجاجاً على استقبالها في كازينو لبنان بحجة كونها “إحدى داعمي الصهيونية”. وكانت فابيان قد صرحت مراراً وتكراراً موقفها الموالي للكيان الصهيونيّ في أكثر من موقف، ولعل أبرزها التصريح العلنيّ في احتفال الذكرى الستّين لتأسيس الكيان الصهيونيّ عام 2008 والّذي غنّت به باللّغة العبريّة للشعب الإسرائيليّ، وبعد انتهاء الحفل عبّرت بأعلى صوتها “اسرائيل … انا احبك”، وأعادت الكرّة في حفل تل أبيب عام 2010 .

الحملة أكدت انّها لم تتعرض لفابيان بالتهديد ولم تتعرض أيضاً لكازينو لبنان المستضيف لها بأيّ وعيد، فقط طلبت منه سحب الدعوة.
غاية الحملة لُخّصت بتوعية الرأي العام، والكشف عن محاولات التّطبيع التي تمارس بالعلن والخفاء عبر فنّانين أو لا عبين رياضيين او أي داعم للكيان الصهيوني  واستقبال فابيان في حفلها يعدّ نموذجاً للتّطبيع الثقافيّ مع اسرائيل. إلا أنّ فابيان اتهمت الحملة بتهديدها وألغت الحفلين الّذين كان من المراد القيام بهما عشية عيد العشاق في  14 و15 شباط في أهم صرح فنيّ ثقافيّ سياحيّ في لبنان.
هذا الحادث لا يعدّ الأول او الوحيد، إنما سبقته عدة مناسبات اعترضت فيها الحملة على نشاطات مختلفة، فمنذ فترة ليست ببعيدة، استقبلت بيروت معرضاً للصور الفوتوغرافية دعت اليه “وورلد اكسبرس العالمية ” لأحد المصوّرين اليهود الداعمين للدولة الصهيونيّة، كذلك الأمر بالنسبة لحفلات عدد من الفنانيّن كـ “بلاسيبو”  و”دي جاي تييستو” و”آرمين فان بيورن”.

إلغاء حفل لارا فابيان أثار بلبلة في الصفوف الفنيّة والثقافيّة في لبنان، وقد انقسم الرأي العام اللبنانيّ بين مناصر للحملة ومؤكد على ثوابتها وبين مصرّ على ضرورة رفض الإنصياع الى هذا التطبيع المتعمد، والذي يعتبر تأييداً لكل ممارسات الحركة الصهيونيّة بحق فلسطين ولبنان والجولان. فكيف لبيروت التي سفكت دماؤها والتي لم ينس بعد أطفال جنوبها يتمهم  وقتلهم تباعاً في مجازر قانا الجليل والتفظيع بهم والتي لا يزال شبحها يخيّم فوق سماء الجنوب كلما اخترقت القوات الإسرائيليّة مجال لبنان الجوي، او اعتدت عليه براً أو بحراً، أن تستقبل أحد مؤييدي عدوها والداعمين له؟
أمّا الرأي الآخر فتحفّظ على إلغاء الحفل، معتبرين ان القيّمين على الحملة هم مجرد مجموعة لا تزال تعيش في القرن الحجري تحارب الفن والفنانين، وأنّ هذه المجموعة تتسبّب في تشويه الوجه الثقافيّ والسياحيّ في لبنان لصالح تل أبيب .

فشلت الحفلة وانتصرت الحملة المناهضة لأي محاولات خرق للثقافتنا وهويّتنا. ولكن بقي السؤال: هل أصبح لغاية الغناء للحبّ وجهان؟
 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *