من يحمي المخيم هو الذي يحمي الواقع السياسي بشكل عام

Posted by: Siba Bizri

Arabic Shoah  Editor in Chief

029

مقابلة: زياد شتيوي- فتحي ابو علي

تحرير: صبا البزري

إن واقع الصدامات في المنطقة أثر بشكل مباشر وغير مباشر على القضية الفلسطينية لا سيما على المخيمات في الشتات، وظهر ذلك جلياً خلال الأزمة السورية وانعكاسها على المخيمات والفصائل وبشكل خاص الجبهة الشعبية – القيادة العامة. من هنا كان لقاؤنا مع عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية- القيادة العامة ومسؤل قيادة منطقة الشمال أبو عدنان عودة الذي أوضح لنا موقف الجبهة قائلاً:”نحن ومنذ بدء الأحداث الأليمة التي تشهدها سوريا، وقبل هذه الأحداث حتى في أزمة 2007 اتخذ قرار سياسي فلسطيني موحد في لبنان يقضي بأن الفلسطيني يجب أن يكون على الحياد ونحن كفصيل التزمنا وباقي الفصائل بالقرار ولا زال سارٍ الى حد الآن والذي يقتضي بتجنيب المخيمات اي انزلاقات او مخاطر في التجاذبات الداخلية اللبنانية، لكن  على الرغم من ذلك ما زال هناك محاولات استهداف زج هذه المخيمات من خلال التحريض السياسي ومن خلال بعض الأبواق من مجلات ورؤساء تحرير الذين لهم مصالح مادية على حساب الشعب الفلسطيني”.

ويعتبر عودة أن:”من يحمي المخيم هو الذي يحمي الواقع السياسي بشكل عام، فكل فصيل يكون بقناعاته وسلوكه وانضبطاه أعلى قاعدة المسؤولية فأي خلل في هذا المفهوم سيكون كارثي على المخيمات فهناك خطر شديد في حال انخراط احد الفصائل بهذه التجاذبات. نحرص بشكل يومي وفي كل لحظة بلحظتها على التماسك الداخلي على الرغم من الإختلاف بين جناحي الفصائل” .

 

أمن المخيمات يعني استقرار وأمن الحركة النضالية

يشدد أبو عدنان عبى ان المخيمات الفلسطينية ومنذ عام 1948 وكل الحكومات اللبنانية المتلاحقة كانت عنصرية بحق الفلسطيني في لبنان، فالفلسطيني يعيش الأمريّن من خلال سياسات الحكومات اللبنانية المتلاحقة، مأساة حقيقية من ناحية حقه كإنسان يعيش بكرامة فهو لا يتمتع بأي حماية سياسية أو أمنية، هناك فصائل فلسطينية هي التي تتولى حماية المخيمات بشقيها السياسي والقانوني من أجل حفظ الأمن، وللأسف ليس هناك اي غطاء أمني للقوى الأمنية في المخيمات وهذا ما يشكل ثغرة أمنية خطيرة.

وعبّر عن ذلك بقوله: “نحن ننظر الى الوثيقة التي قدمت من فترة في مخيمات الشمال والتي وقع عليها معظم الفصائل الفلسطينية ورؤية القيادة المركزية أن تعمم هذه الوثيقة على كل المخيمات في لبنان وضبطها من خلال هذا النموذج الوطني على الرغم من الإختلاف السياسي، أمن واستقرار المخيمات يعني استقرار وأمن الحركة النضالية الفلسطينية والوطنية التي نتمسك بعودتنا من خلالها الى فلسطين”.

 

بوصلتنا الحقيقية هي فلسطين

وعن الخشية من زج المخيمات في الصراعات اللبنانية الداخلية ونقل جرثومة الطائفية اليها أكد ابو عدنان لنا أن :”نحن مرتاحون من هذا الناحية لكن نخشى انقسام الواقع الفلسطيني من خلال ما يجري الآن وامام حشد الفتاوى الكبرى التي تنطلق من هنا وهناك، وان تستغل من أجل زج المخيمات في أتون الصراع القائم في المنطقة ككل. نحن نرفض ذلك ونأمل من كل الفصائل والقوى الإسلامية والعلمانية والوطنية ان تنأى بنفسها عن هذا الموضوع لأنه موضوع خطير ويجلب الويلات والكوارث لشعبنا كما نخشى من الفرز المذهبي. هناك سلسلة لقاءات فلسطينية داخلية نحاول من خلالها ضبط الإيقاع، ونحن بصراحة نرى حجم الضغط على المخيمات كي تنحاز الى طائفة دون أخرى. نحن نقول طائفتنا فلسطين ونحن مع كل من يقول انه مع فلسطين بغض النظر عن طائفته، ان كان سنياً او شيعياً او درزياً او يهودياً ان كان مع تحرير فلسطين وطرد الصهاينة. بوصلتنا الحقيقية هي فلسطين، فالمسألة تكمن بتوحيد جهودنا والمنطق السياسي والوعي عند شبابنا وشعبنا بأن تكون فلسطين البوصلة الحقيقة والوحيدة وان لا ننحرف عن هذه البوصلة”.

وأضاف عودة:”في كل الأزمات والجولات اللبنانية السابقة نجح الفلسطيني بقياداته ووعيه أن يجنب نفسه، وما نخشاه ان يكون هناك فرزاً طائفياً حاداً في المنطقة يكون الفلسطيني جزءاً منه. في اجتماع للفصائل منذ فترة تم تشكيل لجنة على صعيد منطقة الشمال تراقب مواقع التواصل الاجتماعي هدفها ارشاد الفلسطينيين الى طريقة التعبير عن الرأي دون الإنزلاق  في صلب الأزمات. إضافة الى ذلك هناك سلسلة لقاءات ستتم مع الشباب الفلسطيني كي نضعهم في جو المخاطر التي ممكن ان تؤدي الى مشاكل نحن بغنى عنها”.

وشدد ابو عدنان على ضرورة أن تترجم حقيقة هذه المواقف السياسية والوطنية المتخذة على واقع المخيمات لا سيما في ظل ما يحصل اليوم من استيطان وتهويد للقدس وضرب للمقدسات دون اي صوت عربي يرفع ليسأل ماذا يحصل، ويخشى ان تكون القضية الفلسطينية أول الخاسرين من حراك المنطقة.

 

المخيم واحة للنضال وثقافة المقاومة

يرى ابو عدنان انه منذ ازمة نهر البارد والتداعيات الكبرى التي حصلت، وفي الحقيقة انه من ابرز اسبابها الانقسام الفلسطيني الذي اودى بممتلكات الناس وجنى عمرها هباءً وان لم نتعلم من هذه الخسارة فنحن قيادة لا تستحق ان تقود شعبها . من هنا تم التلاقي مع الجيش اللبناني لأنه هو الموجود في المنطقة وهو من دفع ثمن الفكر السياسي المتطرف في المنطقة. الفصائل الفلسطينية تهدف من خلال علاقتها مع الأجهزة الأمنية لاستقرار المخيمات، بالمقابل تقوم الأجهزة الأمنية بتسهيل دخول وخروج اللاجئين الفلسطينيين في الشمال وتيسير عملهم اليومي . العلاقة مع القوى الأمنية اللبنانية هي لمصلحة المخيمات ولم تنقطع ابداً منذ أزمة نهر البارد وهناك اجتماعات دورية تعقد تشمل كل الأجهزة الأمنية. كل الفصائل الفلسطينية قامت بزيارة كل الجهات حتى وصلت الى قادة المحاور سواء في جبل محسن او باب التبانة لترسخ فكرة اننا لسنا جزءا من هذه التجاذبات، ونحن لسنا مع جهة دون اخرى انما مع فلسطين فقط. هناك من اثنى على هذا الموقف وبالمقابل كان هناك من يحثنا كي نكون جزء من هذه المعركة، اشكر الحراك الشبابي والحراك الجماهيري ومؤسسات المجتمع المدني ومهرجان حق العودة الذين ساهموا مساهمة جدية في رفع الصوت العالي لضرورة الحفاظ على المخيم كواحة للنضال وثقافة المقاومة.

وعن الأوضاع الإجتماعية في المخيمات ودور الأنروا ومنظمة التحرير يلاحظ عودة ان بعض المؤسسات الدولية بدأت تأخذ من دور الأنروا الأساس، حيث تعتبر الأنروا الشاهد الرئيس على معاناة اللاجئين وهناك محاولات لإنهاء هذا العمل لحساب مؤسسات أخرى وفي المستقبل تتلاشى وظيفة الأنروا وتصبح قضية الفلسطينين في مهب الريح. ويؤكد أنه يجب ان يتم رفع مستوى دعم الأنروا التي هي المؤسسة الوحيدة في العالم التي تقدم الخدمات للشعب الفلسطيني الذي يعاني في المجتمع اللبناني، وأكبر دليل على ذلك دراسة اجريت منذ سنتين تؤكد ان 62% دون خط الفقر في مخيمات لبنان، أما منظمة التحرير فلم تقدم  أي من المطلوب اوالكافي .

يخشى أبو عدنان من البرامج الجديدة التي بدأتها الانروا والتي تصب في مصلحتها من خلال تشكيل لجان خمسة تقوم بها مع المجتمع الفلسطيني كما فوجئ بتقليص الخدمات الصحية لا سيما في نهر البارد الذي لا يزال منطقة عسكرية مغلقة ويخضع لإعادة إعمار بطيئة، هناك محاولات واضحة لإنهاء حالة الطوارئ في نهر البارد فالمسألة لا تكمن بمجرد تسليم المساكن وبدل الأثاث انما بكونها لا تزال منطقة عسكرية مقفلة، ونطالب بعودة المخيم كما كان قبل 2007 منطقة مفتوحة على جواره كي يستعيد حركته الاجتماعية والاقتصادية كاملة، نقدر الجهود المبذولة من الأنروا كشريك لعودة إعمار المخيم وإعادة أهله له.

 

متمسكون بمنظمة التحرير ولكن اعتراضنا على شكلها الحالي

يؤكد عودة ان الجبهة الشعبية ليست في إطار منظمة التحرير انما يتمنى ان تكون على قاعدة البرنامج الأساس لصياغة المشروع الوطني الجديد ويعلن انهم جزء من حركة الإتصالات واللقاءات وتوقيع المصالحة الوطنية في القاهرة، لكن للأسف الشديد هناك ضغوطات على قيادة المنظمة وعلى الرئيس ابو مازن كي لا يكون هناك منظمة تحرير فيها الفصائل الفلسطينية المعارضة كالجبهة الشعبية – القيادة العامة وحماس والجهاد وباقي الفصائل، هناك ضغط أميركي واسع فالشرط الأول في مؤتمر القاهرة كان إعادة بناء منظمة التحرير، وتمنى ان يعاد تفعيل وتطوير المنظمة في برنامج وطني يشمل المقاوم والسياسي والبرنامج المتفق عليه من كافة الفصائل وهذا ما يريح الشعب الفلسطيني في الشتات لأن منظمة التحرير هي العنوان للشعب الفلسطيني بكل تواجده في القطاع وفي الضفة وفي الشتات. يضيف عودة انهم متمسكون بمنظمة التحرير ولكن اعتراضهم يقتصر على الشكل الحالي لها فهي للأسف مخطوفة ولا تأثيرات عملية لها على حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وفي هذا الصدد يقول عودة:”نحن نتمنى ان يكون هناك لجان شعبية قوية فاعلة وان تكون هي المسؤولة المباشرة عن حياة الناس و خدمات الناس من مياه وكهرباء وطرقات وغير ذلك، لكن للأسف الانقسام السياسي لا يزال حائل دون ان نفعل هذه الأطر.منظمة التحرير هي عنوان سياسي وأمني واقتصادي ولها مؤسساتها فعندما يبنى الرأس تبنى المؤسسة وعندها تصبح تفرعات المؤسسة تحصيل حاصل.

ختم أبو عدنان معلقاً :”حالة الانقسام ووجود مشروعين على الساحة الفلسطينية ادى الى تراجع على مستوى الوعي الشعبي، نحن كجبهة عندما يكون المخيم بكل تلاوينه مبنياً على ثقافة المقاومة والتحرير تنتهي حالة الفلتان والتوترات والمشاكل، يجب على المخيم ان يعود الى جذوره حيث كان الفلسطيني الثائر الآتي من المعارك ومن غور الاردن يستقبله الجميع بقول :” أجا الفدائي …” اليوم اصبح الفدائي بنظر الناس البلطجي وهنا تكمن الخطورة لذلك يجب ان يعاد بناء المشروع الوطني وتلقين ثقافة المقاومة كي نعود بيئة حاضنة للنضال”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *