خدعة الوطنية.. والتراجع عن مبادئ الديمقراطية الصرفة يديعوت – يرون لندن

بقدر ما أعرف، لا توجد أي دولة ديمقراطية باستثناء اسرائيل تلصق صلة أغلبية سكانها الدينية أو القومية باعلان عن طبيعة النظام السياسي. وحتى ترتيب الوصفين، «يهودية» بداية و «ديمقراطية» في المكان الثاني، يدل على أن هذا تعريف دفاعي، غايته تبرير التراجع عن مبادئ الديمقراطيةالصرفة. 

التعبير الأكثر حدة عن ضعف المبادئ الديمقراطية هو قانون العودة، الذي يمنح حق المواطنة شبه تلقائيا لمن يسعى الى الهجرة الى اسرائيل وينتمي الى الشعب اليهودي. ولتبرير القانون يقال انه ليس شاذا. فهو قريب في روحه من قانون الماني يحث على تجنس مهاجرين «ألمان عرقيين» من دول شرقي اوروبا. ويكمن الفارق في أن القانون الألماني يرمي الى هدف قصير المدى، وقد انتهت اهميته؛ أما عندنا فالقانون هو إعلان صارخ عن أن إسرائيل لاتعود إلى مواطنيها بل إلى الشعب اليهودي، الذي أغلبية ابنائه لا يعيشون في الأرض الاقليمية التي يفترض أن تكون وطنهم. 

ونشأ عن القانون تعقيدات فوق أخرى. كان ينبغي القول ما هو حجم الدائرة العائلية التي تضم أقرباء غير يهود لليهودي ومن هو الحاخام المسموح له بالتهويد. عمليا، ويشبه الحل الذي أوجدناه للحل الذي أوجده هيرمن غرينغ، نائب هتلر، عندما أشاروا أمامه الى جنرالات متميزين يتدفق في عروقهم «دم يهودي»: «اليهودي هو من أنا أقرر إنه يهودي». 

غرينغ احتاج الى أبناء المختلطين اياهم كي يعزز جيشه، ونحن نحتاج لهم كي نحسن الميزان الديمغرافي حيال مواطني اسرائيل العرب. من يستحق استخدام قانون العودة هو من سينضم الى الكفة غير العربية من الميزان، سواء كانت هذه سلافية طويلة الساقين وذات جلدة لم تحرقها الشمس، راكبجمال أبسط الأنف من تلال آسيا، أم أثيوبية بعدها عن اليهودية كبير لدرجة انها لم ترى عيبا في وشم صليب على جبينها. 

لا تخطئوا في التفكير في أني أبكي ذلك. أولا، فأنا استمتع بان أرى الفسيفساء الرائع لوجوه المواطنين في الشارع الاسرائيلي. ثانيا، أتمنى قانون جنسية يستند فقط الى تقدير المنفعة المستقبلية التي قد تنشأ للمجتمع الاسرائيلي من المهاجر، ولهذا فاني آمل في أن يتعقد القانون الحالي لدرجة الانهيار. بتعابير ترتبط بالخروج من مصر: يسعدني «الخليط» الذي التحق بأبناء اسرائيل الخارجين من العبودية الى الحرية. ثالثا، احب التناقضات ? وقانون العودة الى أروع التناقضات. اسرائيل سنته كي تمنح قطعة أرض لليهود المضطهدين، والآن تجلب الأغيار كي ينقذوا الدولة «اليهودية ? الديمقراطية»من العرب. 

قريبا سيضاف الى سجل قوانيننا تناقض آخر، الذي هو تراجيدي ? كوميدي. الكنيست تستعد لسن قانون يمنح حق التصويت للاسرائيليين الذين يعيشون في الخارج. نية المبادرين اليه ليست للتخفيف عن كل من يمكث لزمن قصير خارج حدود الدولة بل لتعزيز قوة أحزاب اليمين والتقليل من وزن الصوت العربي. بحوث أكدت الفرضية بشأن الميل الى اليمين لحاملي جوازات السفر الاسرائيليين ممن سيكلفون نفسهم عناء الوصول الى صندوق الاقتراع.الاحساس الوطني يزيد كلما ابتعد المرء عن الوطن.

انظروا: الصهيونية التي تطلعت الى تحويل اليهود من أمة ? دين الى أمة اقليمية أبناؤها يتجذرون في رحاب جغرافي محدد. أسياد البلاد يفترض أن يكونوا من يعيشون فيها وليس يهود المنفى، الآخذون في الابتعاد عنا، وليس من كانوا هنا وقرروا الانصراف. المبادرون الى القانون هم بالذات النواب الذين تتحشرج حناجرهم من شدة الصخب الصهيوني، ولكن من أجل تعزيز قوتهم السياسية مستعدون لان يخونوا المبدأ الصهيوني الأساس الذي هو مبدأالأمة الاقليمية. 

كنت سأضحك من اعماق كرشي لو لم أبالغ (الأحد) بالأكل.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *