إسرائيل اليمينين والمقاومة المدنيّة – الديبلوماسية!

NOVANEWS

إسرائيل اليمينين والمقاومة المدنيّة – الديبلوماسية!

الى ماذا يؤشر فوز حزب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في الانتخابات؟ وكيف يؤثر في الوضع الاقليمي امتداداً الى انتخابات الاتحاد الاوروبي؟ وكيف يمكن مواجهته فلسطينياً وعربياً؟

زياد الصائغ
خبير في السياسات العامة واللاجئين
37 لليكود. 36 لتحالف أبيض أزرق. لم يتغير مزاج الناخب الاسرائيلي اليميني. بل بات المشهد في فلسطين المحتلّة متناثراً بين يمينين. سقط اليسار الإسرائيلي. غذّى هذا السقوط النسَّق الدونالد-ترامبي  في إضفاء مشروعيّة موهومة على اغتصاباتٍ للأرض العربيّة وتهويدٍ انتقل من الجغرافيا الى المُعطى الهويّاتي. تصاعُد موجة اليمين في إسرائيل بعد الولايات المتحّدة سينسحب على انتخابات الاتحاد الأوروبي. يكفي في هذا الانسحاب فَهمُ خوف أحزاب اليمين الوسط، وبعض اليسار المتبقّي، من خسارة مقاعدهم لصالح يمين محافِظ أو يمين متطرّف. من هنا، وعلى ما يُرجَّح، ستشهد الأسابيع الثلاثة المقبلة استعادة من أحزاب اليمين الوسط لعناوين تدافِع عن الاتحاد الأوروبي – الفلسفة، لكن تدعو الى إعادة النظر في أولويّات سياساته العامّة من ناحية، وفي ديناميّة إدارته مؤسّساتيّاً من ناحية أخرى.
الإشارة الى مسار انتخابات الاتحاد الأوروبي في سياق مقاربة ما أفرزته الانتخابات الإسرائيلية، مردُّه رمزية انكفاء أوروبا عن أداءِ دورٍ توازني تجاه دعم الولايات الأميركية المتحدة وروسيا اللامحدود لإسرائيل، ما وضع هذه في مصاف الدول ذات الحقّ بالفيتو وذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، مع مروَحةِ حلفاء هذه المرّة انضمّت إليها الصين والهند والباكستان، وهذا كثيف الدلالات على المستوى الآسيوي.
إسرائيل في ما رَمت إليه من هذه الانتخابات كان اغتيال كلِّ إمكانيّة إعادة تجميع أشلاء عملية السلام المتناثرة. وهي تُعَوِّل بعد الضمّ الفولكلوري الأميركي للجولان الى سيادتها أن تطلِق مع حليفيها الترامبيّة كما البوتينيّة الى إنجاز إخراجٍ إيران وتركيا من معادلة تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط، لصالح تكريس التفوّق الجيو-استراتيجي، ليس بالمعنى العسكري، بل بالمعنى التحالفي مع معسكر الأصدقاء، وبعدها يأتي البحث مع تركيا وإيران ذات التهويل اللفظي على إسرائيل، فيما صيرورة سياستهما معاً تبقى الخادم الأكبر لأجندتِها. ضربت تركيا وإيران العرب في الشكل المتبقّي لهؤلاء. والعرب لم يثابروا بجديّة على تكوين لوبي متماسك قادر على إنشاء توازنٍ مع إسرائيل. التوازن ما أريده من ذكري له، ليس بأي شكلٍ من الأشكال أن يكون بالضرورة عسكريّاً بل سياسيّاً وديبلوماسيّاً واقتصاديّاً وعلميّاً وثقافيّاً.
بالاستناد الى هذا المشهد السوريالي المستجدّ، وتحديداً في ما يعني الانهيار الأوروبي الكامل من مربّع التوازن الدَّولي – الإقليمي، إذ لا يكفي رفض الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل كما رفض إهداء السيادة لها على الجولان، بالاستناد الى ذلك ثمّة ضرورة للتفكّر، وبعد إعلان وزير الخارجية الأميركية منذ أيام، عن أن الولايات الأميركية المتحدة ستطرح أفكاراً لحلّ الصراع العربي – الإسرائيلي، وتضميناً الفلسطيني – الإسرائيلي، ثمّة ضرورة للتفكّر في كيف من الممكن لفلسطين – الدولة العضو المراقِب في الأمم المتحدة مواجهة أي انقضاضِ جديد على ما تبقّى من حقوق. وفي أيّ اتجاه يُقتضى من ثمَّ تحرُّك جامعة الدول العربية، رغم تساؤلاتٍ بنيويّة في ما هل هذه المؤسسة ما زالت قادرة على أداء دورٍ تنسيقي دينامي بالحدّ الأدنى بالاستناد الى مبادرة السلام العربيّة، ناهيك بكافّة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بعمليّة السلام في الشرق الأوسط.

  • 1- الفلسطينيون والمقاومة المدنيّة

ماذا تفعل حماس في غزّة؟ أسلَمة القضيّة الفلسطينيّة يوازن في نفس الخطورة يهوديّة إسرائيل. والانجرار في تفاهماتِ هنا وثمّة قبل الانهاء الفوري للانقسام الفلسطيني دليلٌ على قتل بعض الفلسطينيّين لحقوقهم ونضالهم وشهدائهم. الوحدة الفلسطينية أساسٌ لإطلاق خيارين مؤسّسين في المقاومة. المقاومة المدنية السلميّة أولاً وهذا ما يجب أن يلاقيه فلسطينيو 48 في الأراضي المحتلّة، وتحديداً في القدس. والمقاومة المدنيّ’ السلمية نَسَقٌ قد يأخذ اشكالاُ متعدّدة حتى العصيان المدني. والمقاومة الديبلوماسيّة ثانياً. وهذا ما يجب أن يأتي من تحرّك غير عاديّ للدياسبورا الفلسطينية بكوادرها الفاعِلة على كلّ المستويات. وهنا لا بدّ من فهم أن أيّ إعادة انتاجٍ لديناميّة أوروبية تترافق مع استمرار قناعةٍ بحلّ الدولتين يجب أن يُستهل فلسطينيّاً. ديبلوماسية الفاتيكان تُشكّل حتماً حجر الزاوية في هذا السياق.

  • 2- جامعة الدول العربية ومبادرة توازنيّة

مصر والأردن يشكّلان أساس صياغة مبادرة توازنية بما هم لصيقان بإسرائيل وفلسطين. لا ينفي هذا أبداً دور دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. لكن من باب أولى أن يستهِل الأمين العام لجامعة الدول العربية تحرّكه بتشكيل فريق عملٍ غير تقليدي، نواته باحثون وخبراء لبلورة محاكاةٍ في السيناريوهات المقبِلة على المنطقة، ومن ثم وضع نتائج هذه المحاكاة في ايدي صُنّاع قرار الدول الأعضاء في الجامعة. رفدُ المقاومة المدنيّة الفلسطينية بهذه الخطوة قد يشكّل على الأرجح بعضاً من ردمٍ لفجوة التصدّعات الزلزاليّة التي نحن على أبوابها، ويصوّب بوصلة التوجّهات التي ترشَح عمّا اصطُلح على تسميته بـ “صفقة القرن”. هذه الصفقة ليست بجديدة أبداً، بل مستجدَّة على رعونةٍ من أصحابها يواكبهم حلفاء موضوعيّون يهوّلون بالعداء لها، فيما هم ينفّذونها بتعميق انقسام المجتمعات العربية طائفيّاً ومذهبيّا.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *