في الدّورة الثامنة من مهرجان بايبود للرقص المعاصر، التي تنطلق يوم السبت في 14 نيسان على مسرح المدينة، يعدنا المنّظمون بالمزيد من الدهشة والمفاجآت، والكثير من المتعة التي ستؤمّنها لنا الفرق المشاركة، التي ستحدث تجديداً في برنامج هذا العام، كما أكّد لنا عمر راجح والمجموعة المنظمة،مع شبكة مساحات وكافّة العاملين على تنفيذ هذا الحدث السنوي، الذي شاهده العام الماضي قرابة 7000 متفرّج.
مع شعار «ممنوع النقّ» بدا عمر راجح متفائلاً بكلّ الجهود التي تبذل بهدف تقديم مهرجان مميّز هذا العام، من حيث التنظيم وجودة الأعمال. كما يراهن على عروض عدة ستكون حدثاً نوعيّاً من حيث الطرح، والأسماء، والتقنيّات، والخدع البصرية والمزيج بين الرقص والسينما. بين مسرح بابل والمدينة ومونو ومدرسة الرقص مقامات، ستتوزّع العروض، بالإضافة إلى هنغار أمم وهو التعاون الأول بين بايبود وأمم هذا العام، وهو ما شدّد عليه عمر راجح. فمهمّة المهرجان هي في خلق تعاون بين جهات عدّة، كمهرجانات بيت الدين، وأمم ومتروبوليس. فالجديد انّ عروض الافلام ستنحصر فقط في سينما متروبوليس، يومي 16 و23 الساعة الثامنة، خلافاً للعادة، حيث كانت تعرض قبل بدايات كلّ عرض راقص. كما سيكون هناك معرض صور لجو كسرواني، وهو مصوّر أكبر عدد من العروض الراقصة في المهرجانات السابقة، يقام في اف. أف. أي. بنك، الذي دعم المعرض ويستضيفه في 17 نيسان الساعة 6 مساء. وبرأي عمر فإن هذه الفنون مجتمعة، بين أفلام وصور ورقص، سيكمل بعضها البعض الآخر، وتخلق مجتمعة تنوعاً في البرنامج ملبية حاجة كل الأذواق.
عروض من العالم
بالنسبة إلى العروض المشاركة، هناك العرض الافتتاحي البلجيكي، كما سنرى عروضاً من فرنسا، تركيا، المانيا، اسبانيا، انكلترا، النروج، ايطالياواليابان، مع عرضين لمدرسة الرقص مقامات، دنس لعلي شحرور، وعرض عمر راجح وميا حبيس وغي نادر.
المميّز في عروض هذا العام، كما يقول عمر، هو دخول الطابع السينمائي والفن الرقمي على عالم الرقص. وسوف نرى هذه التقنيّات في عروض عدّة، كالعرض الياباني لهيرواكي ( 29 نيسان)، الآتي من عالم الهيب هوب والذي تحوّل نحو الرقص المعاصر. هذا العرض يعدنا عمر بأنّه سيكون مفاجأة. حيث نرى الراقص منبثقاً من شاشة كبيرة بالأسود والأبيض، متجسّداً بطريقة غريبة، ضائعاً في الفضاء المسرحي، ثم يعود فنشعر بأنّ كل المسرح يتحرك معه. أما العرض الاسباني ستوكوس (25 نيسان) فنرى الراقصة ترقص مع خطوط متعاكسة تتابعها كظلّ يرافقها ويشاركها بالحركة الجسديّة. أمّا العرض الافتتاحي البلجيكي، فهو رهان عمر من حيث تميّزه والابتكار الذي سيقدمه. هو فكرة الراقصة ميشال دوماي وهي راقصة مميزة عملت مع بيجار، ومديرة فرقة شارل لو روا، او فرقة المسرح القومي البلجيكي الفرنسية، بالتعاون مع المخرج السينمائي جاكو فان دورمايل، من أعماله « Toto the hero، Mr nobody، و Hiutieme jour، نال الكاميرا الذهبية في كانّ، حيث سيصور العرض على المسرح مباشرة مع 3 كاميرات تنقل لنا حركة يديّ الراقصة التي ستخبرنا حكاية من خلالها بطريقة سينمائيّة مبهرة. في عرض «الآخر» البلجيكي (19 نيسان)، سنرى خدعاً بصريّة من خلال مكعبات كبيرة على المسرح، وستقام الحركة عليها ومعها. بالمقابل ستكون هناك عروض راقصة بحتة لكل محبي النوع، المطبوعة بالمهارة الجسديّة كعرض «قصص قصيرة» للراقصة الفرنسية كارولين كارلسون، البريمادونا والباليرينا الاولى السابقة في أوبرا باريس، والتي تحولت من الرقص الكلاسيكي إلى الرقص المعاصر، وهي اليوم مديرة لمعهد رقص في فرنسا ولمركز كارولين كارلسون. ايضا من ألمانيا هناك ستيفاني تيرش في عرض «ك. لو»، المعروفة بدقّة عملها مع فكرة الانتظار، وعرض باليه بويز الانكليزي المليء بالإيقاع، تقدمه واحدة من الفرق الجديدة في انكلترا وقد تشـكلت عام 2002، وأثبتت نفسها في عالم الهيب هوب.
صدى المهرجان
على صعيد ما حقّقه هذا المهرجان يقول عمر: إن صداه مهم بين مهرجانات الرقص الدولية، حيث صارت له مكانة، وبات محط نظر فنانين عدّة ومحبي الرقص في العالم. لكن برأي عمر فإن المهرجان في الخارج قد يكون صداه أقوى من لبنان للأسف، لأننا، باعتقاده، قد لا ننتبه لحجمه إلا اذا رأيناه من الخارج، لكن هذا لا يمنع أنّ المهرجان بات قادراً على استقطاب عدد كبير من المشاهدين، بالرغم من كل المشاكل التي تعترض القيمين عليه، خصوصاً منناحية الدعم والتمويل.
وهنا لا بد من ان نذكر دور وزارة الثقافة وعلاقتها بالمهرجان، ويقول عمر إنه لا يزال غير كافٍ مقارنة بحجم هذا الحدث الذي قام فعلاً بجهود فرديّة ومؤسسات خاصّة، يتوجه لها المنظمون بالشكر الكبير على جهودها، بالتعاون مع المراكز الثقافية، وصولاً إلى أصحاب المطاعم، حيث شعر من خلال هذا الدعم بأنّ الجميع معنيون بهذا المهرجان وبالهمّ الثقافي، وقد وعوا دور الفن والثقافة، وهم يدعمون، إلى جانب بايبود، مهرجانات عدّة كـ«ارتجال»، و«ليبان جاز»، و«أمم» و«متروبوليس»، أمّا الوزارة فما زالت مقصّرة وغائبة فعليّاً عن دورها. ويعتب عمر راجح بالقول إنه من حق كل مبدع أن يطالب بدور الوزارة، المعنيّة اسماً وغير معنيّة فعلاً، لكنه لا يريد «النق»، لكن لا بد من ذكر ذلك. في النهاية، يختم عمر: جهود كبيرة جدّاً بذلت، ومع المزيد من الدعم كل سنة تكون النتائج أفضل. فالمهرجان بدأ بفكرة عفوية كان الهدف منها اللقاء ومشاهدة العروض، بحب ومتعة وانفتاح على الجميع من دون ردات فعل سلبيّة وأحكام مسبقة. عنصر المتعة، يؤكّد لنا عمر، سيتحقق في كل واحد من العروض.