بقلم غسان جواد |
في 26 آذار من العام 1979 تمّ في العاصمة الأميركية واشنطن التوقيع على اتفاقية السلام المصرية – الاسرائيلية، واليوم بعد مرور 33 عاما على هذا التوقيع يبدو الحديث عن هذا الحدث في تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي جزءا من النقاش الدائر حول التحولات العربية والتغييرات التي تشهدها المنطقة ومن شأنها ان تترك اثرا على كل ما قامت به «دولة ما قبل ثورة 25 يناير».
لم تمر هذه الاتفاقية على عقل ووجدان الشارع المصري الذي ظلّ ممانعا لكل ذيولها الثقافية والاجتماعية والسياسية بشكل كبير ولافت.
ومع ان السلطة القديمة اشتغلت بقوة على دعم «التطبيع» وعلى إعطاء حوافز للمطبّعين من رجال الدولة والاقتصاد والسياسة والفن والثقافة، الا ان السلوك العام والواضح لغالبية الشرائح الاجتماعية المصرية ظل رافضا لأي نوع من انواع العلاقة المباشرة مع اسرائيل بالرغم من كل العروض والاغراءات التي قدمتها السلطة.
وفي حين بدا ان هذه الاتفاقية قد «اخرجت» مصر الدولة من الصراع العسكري المباشر مع دولة الاحتلال، ظلّت مصر الشعب والمجتمع في دائرة الصراع من خلال رفض كل شكل من اشكال التعامل هذه الدولة، وقد وصل الامر الى حدود نبذ ومحاصرة كل شخصية عامة تزور اسرائيل او تُقيم علاقات خاصة معها، ولعل ابرز ما انتجته الفطرة المصرية في التعبير عن هذا الرفض اغنية الفنان الشعبي شعبان عبد الرحيم «بكره اسرائيل وبحب عمرو موسى»، التي يُجمِع النقاد الفنيون على انها رديئة فنيا وقوية كرسالة سياسية بسيطة تختزل ما يدور في عقل ووجدان المصريين حيال هذا الملف وتلك القضية.
لم تتغيّر الامور كثيرا بعد 25 يناير والثورة التي اطاحت بالنظام ورأسه، لم يحدث شيء كبير بما يخص جوهر الاتفاقية واستمرار سريانها القانوني ولا بما يخص النظرة الشعبية حيالها. ابرز حدث كان في اقتحام السفارة الاسرائيلية اواخر العام الماضي احتجاجا على مقتل ضباط وجنود مصريين برصاص اسرائيلي، بعد ذلك عادت الامور الى طبيعتها مع فارق واحد: الذين يرفضون الاتفاقية اصبحوا في الشارع والذين يريدونها اصبحوا في السجن، وعلى هذا تنعقد النظرة نحو مستقبل اتفاقية كمب ديفيد.. المثيرة للجدل.