صحيفة السفير اللبنانية
مرة جديدة يشهد بالحكومة الميقاتية شاهد من أهلها على أنها حكومة الضرورة وأقوى من أن يقدر أحد على الإطاحة بها على رغم تناقضات مكوناتها وما يسجل على أدائها وإنتاجيتها من مآخذ وملاحظات. ولعل الشهادة التي قدمها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، وبعد ساعات من حسم رئيسها نجيب ميقاتي بقاءه على رأس الحكومة بإرادته الشخصية وبثقة المجلس النيابي، كانت بالغة الدلالة، إن من حيث التأكيد على المسؤولية المشتركة بين كل مكوناتها لنقل الحكومة، من خانة النكايات، الى خانة تحمل مسؤوليتها الوطنية، وتأدية وظيفتها الإنتاجية والفاعلة وخصوصاً لناحية التصدي لأولويات المواطنين وشؤونهم وشجونهم، أو من حيث تخييب آمال المراهنين على النيل من هذه الحكومة، بالتأكيد على أن المشهد السياسي الداخلي ما زال متأثراً بالمعطيات السياسية ذاتها التي انتجت هذه الحكومة، والتي ما تزال تتحكم ببقائها حتى إشعار آخر، وربما لفترة طويلة كما قال.
وإذا كان رئيس الجمهورية ميشال سليمان قد أكد لـ«السفير» أن الإنتاجية الحكومية وضعت على السكة الصحيحة، متقـاطعاً بذلك مع ما أعلنه رئيس الحكومة في مقابلته التلفزيونية مع المؤسسة اللبنانية للإرسال، فإن محك هذه الإنتاجية يبقى في الأجندة الحكومية التي ستعتمد في المرحلة المقبلة، بدءًا بموضوع التعيينات الإدارية العالقة في المناكفات والمماحكات السياسية، وكذلك موضوع الكهرباء ربطاً بالقرار الأخير لمجلس الوزراء المتعلق باستئجار «بواخر الكهرباء» الذي سيشهد أول اختبار له في الجلسة الثلاثية الإثنين بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزيري المال والطاقة محمد الصفدي وجبران باسيل.
ولعل البارز في سياق البواخر ما تكشف مؤخراً من أن ما قيل عن عرض تلقاه رئيس الحكومة من شركة «جنرال الكتريك»، تبين أن ليس له أي وجود. وعلمت «السفير» أن هذا الأمر احتل حيزاً أساسياً من مداولات الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، واعتبرت مصادر واسعة الاطلاع هذا الأمر فضيحة موصوفة، «وانكشافها هو الذي أحبط عملية كان يسعى إليها أحد «الموظفين» ممن لا يتمتعون بموقع تقريري في الشركة المذكورة، عبر إرساله رسالة عبر الانترنيت الى بعض المراجع يقترح فيها إشراك متعهد تركي وأن يرسو عليه العرض من دون مناقصة».
وقال مصدر مسؤول في الشركة لـ«السفير»: إن شركة «جنرال الكتريك» لم تتقدم بأي عرض لتركيب معمل كهرباء في لبنان.
وعلمت «السفير» أن مسؤولين في الشركة زاروا كلاً من رئيس الحكومة وكذلك وزير الطاقة والمياه جبران باسيل وآخرين وقدموا اعتذارهم عن «سوء التفاهم» الذي حصل، ونفوا ان تكون الشركة قد تقدمت بأي عرض، وأن ما قيل عن عرض يخصها، ليست معنية به لا من قريب ولا من بعيد. وما قدمه الموظف المذكور لا يمثل وجهة نظر الشركة.
وأوضحت المصادر أن سوء التفاهم، أو الخطأ، تجلى في مبادرة أحد موظفي شركة «جنرال الكتريك» في المنطقة الى تقديم العرض خلافاً للأصول. وبناء على ذلك اتخذت شركة «جنرال الكتريك» تدبيراً مسلكياً بحقه.
وينتظر أن يحتل موضوع النفط موقع الأولوية في أجندة العمل الحكومي المقبل، ولا سيما لناحية الإسراع في تعيين اعضاء هيئة إدارة قطاع البترول بعدما اصدر مجلس الوزراء المرسوم التنظيمي للهيئة، والذي لوحظ انه لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية. وعلم أن رئيس مجلس الخدمة المدنية الوزير السابق خالد قباني قد استوضح عن مصير المرسوم فتم إبلاغه أنه في آخر مراحل إعداده للنشر.
وقال قباني لـ«السفير» رداً على سؤال: خلافاً لكل ما يقال، لا يوجد تقاذف للكرة في هذا الموضوع بين هذه الجهة او تلك، بل هناك عمل متكامل بين وزاراة الطاقة والمياه ووزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية وتعاون في ما بيننا جميعا توخياً للمصلحة العامة ومصلحة هذا القطاع، برفده بأكفأ العناصر.
وفي سياق متصل، برز تطور مهم تمثل بتوقيع وزير الطاقة والمياه جبران باسيل أمس، أول اتفاقية للمسح البري للنفط مع شركة «سبكتروم» البريطانية، وذلك بالتوازي مع تطور آخر كشف عنه باسيل ويتعلق بمعلومات قدمتها الشركة الفرنسية «Beicip-Franlab» عن أن كميات الغاز اللبناني المحتملة والموجودة بحراً، هي كميات واعدة وعالية جداً.
وقال باسيل، في مؤتمر صحافي عقده في وزارة الطاقة امس، إن الشركة أعطتنا نتائج إضافية من خلال تحليل بيانات المسوحات الزلزالية الثلاثية الأبعاد (3D) في منطقة معينة تقدّر بثلاث الى خمس أضعاف الكميات المقدّرة سابقاً مما يزيد الاحتمالات العالية بوجود غاز بكميات تجارية وواعدة جداً. وأما متى تبدأ عملية استخراج الغاز فقال: عند إطلاق دورة التراخيص يكون لبنان قد دخل في هذا المضمار، والرقم القياسي حوالي خمس سنوات، والتأخير عشر سنوات والأرجح هو سبع سنوات أو ثماني سنوات.
نصر الله
من جهة ثانية، أكد الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله دعم الحزب للحكومة الميقاتية، مشدداً على أن استمرارها مصلحة للبلد وأمنه واستقراره، إلا أنه طالب الحكومة بأن تكون جادة ومنتجة، خصوصاً أنها معنية بمعالجة كل الأمور الداخلية. لافتاً إلى أن النكايات الشخصية والحزبية والسياسية والفئوية والحسابات هي التي تعطل الكثير من المشاريع والإنجازات.
وأشار الى وجود ملاحظات لدى «حزب الله» على الحكومة وأدائها وقال: نحن نحرص على ألا ننتقد الحكومة، وهذا لا يعني أن ليست لدينا ملاحظات، بل لأن المصلحة الوطنية تقتضي بقاء الحكومة، ومصلحة البلد في بقاء الحكومة حتى إشعار آخر، ونحن لا نقول أن على الحكومة أن تنجز لتبقى، بل نقول ذلك لأن من مسؤوليتها أن تنتج وتنجز.
وتوجه الى المراهنين على إسقاط الحكومة قائلاً: إن المعطى السياسي الذي اوجد هذه الحكومة سيجعلها تستمر حتى إشعار آخر، ربما لمدة طويلة، وفي لبنان سواء أكانت الحكومات منتجة أم غير منتجة، أو ناجحة أو فاشلة ، أو عظيمة أو ممتازة، فإنها تسقط بالسياسة وتبقى بالسياسة.
وانتقد نصر الله التجاهل العربي لما يجري في البحرين، مؤكداً على مسؤولية الأمة والعرب حيال القضية الفلسطينية وفي تحرير المقدسات، وقال: الأمة لا تفعل ذلك الآن، بل يذهبون الى غير الأولويات، علماً أن الطريق واضح ويحتاج فقط إلى الإرادة والعزم.
وقدم نصر الله مقاربة للوضع في سوريا تشير الى رجحان كفة النظام، إذ أكد على زوال الخطر الخارجي، إن بالتدخل العسكري أو بالتسليح أو إرسال قوات عربية، وأبرز المعطيات والوقائع تؤكد أن الحل المطروح للأزمة السورية هو حل سياسي على قاعدة الحوار بين السلطة والمعارضة وإجراء إصلاحات جدية، وليس هناك أي حل آخر.
وقال: من كان مخلصاً من موقعه العربي والدولي والإقليمي وحريصاً على سوريا وشعبها، عليه أن يقدم المساعدة في اتجاه أن تذهب سوريا الى الحل السياسي، والبداية تكون بوقف التحريض والنميمة ومحاولات الإيقاع بين الشعب السوري والسعي الى تقريب وجهات النظر وإدخال الجميع في الحوار، خصوصاً أن إسقاط النظام بالخيار العسكري قد انتهى، والمعارضة المسلحة عاجزة عن تحقيق ذلك، والرهان على ذلك هو رهان خاسر وأعباؤه كبيرة جداً ولا سيما المزيد من نزف الدماء.
وفي سياق متصل قال رئيس الجمهورية ميشال سليمان لـ«السفير»: أنا أقوم بدور توفيقي وإيجابي وسأستمر فيه عبر تشجيع القيادة السورية على إنجاح مهمة المبعوث الدولي كوفي أنان بصرف النظر لصالح من ستكون، المهم أن تكون لصالح سوريا، وأنا كرئيس جمهورية لبنان ما يهمني هو السلم الأهلي والأمن والاستقرار في سوريا وأن يكون الحل لمصلحة الديموقراطية وهذا سيكون عادلاً للجميع.