Posted by: Siba Bizri
Arabic Shoah Editor in Chief
هآرتس
يقفّ شعري في كل مرة يتحدث فيها اهود باراك عن الساعات، لا لأنني أستخف بعلمه المفرط بحل الساعات وتركيبها بل لأن الساعاتي الهاوي وعازف البيانو بين الفينة والاخرى هو وزير الدفاع في واحدة من أخطر الفترات وأكثرها حساسية في حياة الدولة.
قال باراك في المؤتمر السنوي لمعهد ابحاث الامني القومي الذي تناول التحديات الامنية في القرن الواحد والعشرين والذي عقد هذا الاسبوع، قال ان هنا فروقا في تكتكة الساعة بيننا وبين الولايات المتحدة، ومن الواضح ان اسرائيل ستقرر وحدها ان تهاجم ايران ومتى تهاجمها. ‘يعمل الايرانيون على احداث وضع لا تستطيع فيه الولايات المتحدة ايضا ان توقف المشروع الذري’، حذر باراك وطلب من مستمعيه في القاعة وفي البلاد كلها ‘التحرر من خشية اتخاذ قرارات صعبة’. ووصف واحد من التقارير عن المؤتمر نغمة خطبة باراك بأنها ‘مسيحانية’.
يبقى الساعاتي ساعاتيا بالفعل. وباعتباره يخرج ويدخل الى الادارة في واشنطن، وينسب الى نفسه فضل وجود مليار دولار لعمليات خاصة لجهاز الامن وهو في محادثات سرية مع الامريكيين، لم يحدث انطباع انه سيسلم لتفاهم متفق عليه بين القوى العظمى وايران على الابقاء على بعض قدرتها الذرية في ظروف محدودة. تعمل ايران على انشاء وضع لا تستطيع معه اسرائيل والولايات المتحدة منعها من انتاجالقنبلة. ويشير مثرثرو القيادة العليا الى هذه اللحظة باعتبارها اللحظة التي قد تعمل فيها اسرائيل.
بخلاف ما يُفهم ضمنا من كلام باراك وهو ان اسرائيل وحدها هي التي ستقرر من وماذا وكيف، ما زال اوباما هو الذي يتحكم بالوضع. فهو ليس مسالما كما يبدو ولا يخشى استعمال القوة. لكنه يرجو ان تسوغ الظروف استعمال القوة لا لأن الانتخابات أمامه فقط بل باعتبار ذلك عنصرا في جملة التقديرات المطلوبة من زعيم أكبر قوة في العالم. ومن المؤكد انه لا يجوز ترك وزير دفاع اسرائيلي ربما يكون في نهايةحياته السياسية وليس عنده ما يخسره، يورطنا مع العالم كله ومع الولايات المتحدة خاصة.
يعمل بيبي وباراك مثل توأمين سياميين. فقبل اسبوع تكلم رئيس الوزراء في حلقة مغلقة على أنه يفضل ان يقوم الامريكيون بالعمل، لكن اذا تبين انه لا توجد نتائج للجهد الدولي الذي يقوده اوباما فلن يكون مناص سوى ان نقوم بأنفسنا بما يُحتاج الى فعله. ‘أنا ألتزم بالدفاع عن الشعب اليهودي وعن سكان اسرائيل’، قال بيبي. وليس مهما من القائد ومن المقود الآن في الدولة وما هو الشيء الحقيقي في التهديد المجنون المخيف في ان نعمل وحدنا في مواجهة ايران ألا يجب ان نصغي الى تحذيرات مئير دغان ويوفال ديسكن وآخرين من نتائج عمليةعسكرية كهذه لاسرائيل؟.
هناك من هم على يقين من ان عملية أحادية ليست ممكنة فحسب بل هي في مراحل الاعداد لها حقا. ويتحدث صحفيون ذوو شأن يحثهم باراك وبيبي على ذلك عن انه ستكون كارثة فظيعة اذا لم نعمل فورا حتى لو كنا وحدنا. وحتى لو تعرضت جبهتنا الداخلية لضرب بقنبلة ذرية. ويعلل نائب رئيس الحكومة شاؤول موفاز وهو رئيس اركان ووزير دفاع سابق، انضمامه العاجل الى الحكومة بالتهديد الذري الايراني.
لكن في مواجهة جوقة المسارعين الى حرب رادعة، يقف رجال أمن ذوو صيت في الماضي يقولون ان اسرائيل ستحسن الصنع اذا أظهرت الصبر في اتجاه استنفاد العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة واوروبا على ايران، وأنه لا يجوز لها ان تجعل نفسها أضحوكة بتهديدها بأن تبطل وحدها التهديد الايراني. فتخويف الجمهور من جهة والثرثرة الرسمية من جهة ثانية تجاوزا كل حد. وكيف نتقدم اذا لم نكن قادرين حتى على اجراء حرب سرية مهاجمة الحواسيب؟ – من غير ان نوميء الى أننا نقف من ورائها. وعلى كل حال لا يجوز لنا حتى ان نحلم بأننهاجم ايران مباشرة، وهو ما لا يتجرأ العالم حتى الآن على فعله قبل ان يستنفد كل طريقة اخرى.
يجدر ان نتذكر كيف تنفسنا الصعداء حينما لم يتهم الامريكيون ولا العالم اسرائيل بأن برجي التوأمين هُدما بسببها. اذا هاجمنا ايران فلن نتورط مع الولايات المتحدة فقط ولن تُضرب جبهتنا الداخلية فقط بل سننشيء وضعا لا يكون معه كل هدف يهودي في العالم آمنا لحقب طويلة. ان ايران الساعية الى القدرة الذرية هي خطر اقليمي وعالمي، فدعوا العالم السليم العقل يعالجها بطريقته ولا يجوز ان نقفز الى المقدمة، فالامر ليس أمر ضربة خاطفة ساحقة.