Posted by: Siba Bizri
Arabic Shoah Editor in Chief
عادل عبد الرحمن
عادت ازمة تسديد فاتورة الكهرباء تطل من جديد في ضوء تصاعد الازمة المالية الخانقة، وخاصة بعد الاحداث المرفوضة في مدينة نابلس قبل ثلاثة ايام، عندما خرج بعض المواطنين للمطالبة بمساواتهم بابناء المخيمات من حيث «الاعفاء» من الفواتير المتراكمة عليهم نتيجة عدم التسديد.
جاءت تلك الاحداث الفوضوية في اعقاب تصريح الدكتور سلام فياض، رئيس الوزراء الداعي الى استعداد الحكومة للتعامل الايجابي مع ابناء الشعب الذين لم يسددوا فواتير الكهرباء،باعفائهم من التسديد شرط تركيب عدادات الدفع المسبق للكهرباء.
السؤال الذي يطرح نفسه على الجميع مسؤولين ومواطنين، هل كان ابناء الشعب في الاراضي المحتلة عام 67 (مخيمات ومدن وقرى) زمن الاحتلال الاسرائيلي المطلق، اي قبل إقامة السلطة في العام 1994 يتهربون من دفع فواتير الكهرباء والماء والضرائب المختلفة؟ ام كانوا مع كل اول شهر بغض النظر عن مستوى دخلهم الشهري يقومون بتسديد الفواتير المستحقة عليهم؟ وهل كان هناك من يستطيع التهرب من الالتزام بتسديد فواتيره؟
الجميع لاجئا ومواطنا, كان يدفع الفواتير المستحقة عليه دون تردد، مهما كانت صعوبة ظروفه الخاصة، لانه كان يعلم ان سلطات الاحتلال الاسرائيلية تقف له بالمرصاد.
بالتأكيد الظروف تغيرت ما بين زمنين، زمن الاحتلال الشامل، حيث كان سوق العمل الاسود الاسرائيلي مفتوحاً للمواطنين، ونسبة البطالة كانت محدودة جدا. وزمن قيام السلطة الوطنية، الذي ادى الى اضمحلال نافذة العمل في السوق الاسرائيلي، وعدم قدرة الحكومات الفلسطينية على تأمين فرص عمل تستوعب الطاقات الوافدة سنويا لسوق العمل الفلسطيني الضيقة أصلا والمحدودة، نتيجة وجود الاحتلال، واقتطاعه الجزء الاكبر من الاراضي الفلسطينية تحت سيطرته، ما يوازي 62% (المنطقة C)، اضافة الى التضييقات المفروضة على المنطقتين (AوB) وايضا لعدم تمكن القيادات الفلسطينية من فتح نافذة في اسواق العمل العربية وخاصة الخليجية امام الطاقات الفلسطينية، وغياب الاستثمار المطلوب من قبل رأس المال الوطني والعربي والاجنبي في الاراضي الفلسطينية.
والمنطق الواقعي يشير الى وجود تباين بين سكان المخيمات الفلسطينية المنتشرة داخل الاراضي المحتلة عام 67 وبين ابناء المدن والقرى الفلسطينية، الذين لم يخسروا بيوتهم واراضيهم وممتلكاتهم كما حصل مع ابناء المخيمات. ونسبة الفقر والفاقة اعلى منها في المخيمات من المدن الفلسطينية. لذا حصل تميز نسبي في قراءة القيادة السياسية والاقتصادية لسكان المخيمات، من خلال تفهم اوضاعهم، ومحاولة مساعدتهم بالقدر الممكن في تجاوز محنتهم التاريخية.
لكن ايضا مضت عقود طويلة على النكبة، وتمكن قطاعات واسعة من ابناء المخيمات من امتهان مهن حرة، فضلا عن الخريجين من الجامعات، الذين حصلوا على مواقع مهمة في ميادين العمل العام والخاص. وبالتالي لم يعد ابناء المخيمات, هم ذاتهم, الذين طردوا من ديارهم في العام 1948, عام النكبة, او النازحين في العام 1967.
كما ان اعفاء ابناء المخيمات من تسديد الفواتير الكهربائية، سمح للكثيرين من المواطنين الافراط في استهلاك الكهرباء، وعدم مراعاة التكاليف الباهضة، التي يلقيها على عاتق الحكومة. والتعود على سياسة التطفل على موازنة السلطة سابقا (الدولة حاليا) والتكيف مع سياسة الكوبون، او الرشوة التي كانت، ومازالت تنفذها بعض القوى السياسية كحركة حماس لشراء ذمم المواطنين. بالاضافة الى ان بعض اصحاب المصانع والمؤسسات والمحاجر والمطابع.. الخ المتمركزة في المخيمات او في محيطها، يقوموا بنهب الكهرباء على حساب المواطن وموازنة الدولة.
الحل المنطقي وفي ظل الازمة الخانقة، التي تعيشها دولة فلسطين، يقوم على اعادة الحكومة النظر بسياسة الاعفاء الكلية، والعمل بسياسة التخفيض وجدولة الديون المستحقة على المواطنين من ابناء المخيمات او المدن والقرى. وفي السياق, إن وجدت حالات مستعصية في الدفع، تقوم مؤسسات الحكومة بتغطية قيمة الفاتورة بعد إجراء مسح حقيقي لواقع هذه الاسرة او تلك، وبغض النظر عن مكان إقامتها. لان هناك اناسا يعيشون في المخيمات يحصلون على مداخيل اعلى من ابناء المدن والقرى. وايضا نشر الوعي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في اوساط المواطنين للابتعاد عن السياسات الخاطئة، وتعميم سياسة التكافل بين مؤسسات الدولة والمواطنين لاجئين ومواطنين على حد سواء، لحماية الدولة، والتقدم نحو هدف الاستقلال السياسي الناجز.