Posted by: Siba Bizri
Arabic Shoah Editor in Chief
بقلم: إبراهيم المدهون
إن عشت فعش حراً أو مت كالأشجار وقوفاً، هكذا غنى سميح شقير سابقاً، واليوم نرى سامر يقرع أجراسه في مملكة الصمت ويغني نشيداً بجسده النحيل وأمعائه الخاوية وابتسامته الشاحبة، فيحطم جدار السجن ويأبى الانكسار.
فبعد أكثر من 270 يوماً من الإضراب المتواصل عن الطعام وهي أطول فترة إضراب عرفها التاريخ، تم التوصل إلى اتفاق بين النيابة العسكرية الإسرائيلية والعيساوي ينهي بموجبه إضرابه عن الطعام مقابل إطلاق سراحه بعد ثمانية أشهر.
وهذا الاتفاق هو انتصار حقيقي لرجل فضل الموت جوعاً وألماً على أن يبقى حبيساً بين جدرانٍ عفنة وخلف قضبان صدئة في كيان غاصب غير شرعي.
وأهم ما حققه هذا الاتفاق كما قال محاميه جواد بولس “هو إصرار سامر على عدم إدانته بكامل فترة محكوميته السابقة والبالغة 26 عاماً، وكذلك عدم استعداده للمثول أمام لجنة إسرائيلية وبالتالي فإن قضية سامر سابقة تؤسس لما سيأتي من قضايا مشابه وتمنع إضفاء شرعية لهذه اللجان باعادة أحكام سابقة بحق قضايا مشابهه”.
ما حققه العيسوي ومن قبله الشراونة والسكسك وهناء شلبي وخضر عدنان لم يسبق له مثيل ويعتبر قفزة في عالم الإرادات ومواجهة السجان الطاغية بابتسامة حنونة وقلب موجوع وأمعاء تجوع ولكن بلا ركوع، فاليوم نحن أمام أسطورةٍ إنسانية بالدرجة الأولى ووطنية وعربية تتقدم بنموذج واضح ومؤثر، فيجب أن تُحفر تجربته في الوجدان البشري، وترسم صوره وينقش أسمه مع عظماء التحرر العالميين كعمر المختار وغاندي ومنديلا.
سامر العيساوي اليوم رمز فلسطيني يجمع ألوان العلم ورائحة التراب ووجه الجليل والخليل، وفي عيونه أنات غزة وصمودها، وثورة نابلس وكبريائها وآذان الاقصى وتكبيراته وأجراس القيامة والمهد، هو حلم الأطفال في أزقة مخيم للجوء في لبنان وعمان.
وكم أتمنى أن نكون على قدر سامر وتضحياته، فيستثمر صموده الأسطوري المذهل ووجهه الشاحب وعيونه الغائره لنرسل رسالتنا النقية الصافية بطهر وعفوية سامر وصموده ليكن سفيراً لمعاناتنا وأحلامنا.
ما حققه سامر من انتصار هو درس لنا أننا نستطيع كشعب أن نصمد ونصبر حتى نحقق هدفنا في التحرير، فان جاع وتألم ومرض ووهن ولم ينثني أو يتراجع، فعلينا أن نستلهم هذه الإرادة الفردية لمجتمع يستحق أن يتحرر مهما دفع من ثمن.