الشيخ أحمد الأسير: لن أخوض الانتخابات… ولا أشكّل تياراً سياسياً

هيثم زعيتر- صحيفة اللواء اللبنانية

أفرزت الوقائع التي تدور على الساحتين اللبنانية والإقليمية، وامتداداتها الخارجية، ظواهر عديدة عبر ما يُسمى بالمخاض العسير حيناً، وبالسهل البسيط أحياناً..
وهي في الإجمال ليست جديدة، كما أنها ليست نافرة أو غريبة في مجتمعات تشهد من الأحداث والتطورات، وما يسمى بالظواهر في إطار الحركة التي تُطاول المجتمع، وتفرض عليه في إطار المواكبة مجموعة من المتغيّرات والتقلبات تترك بصمات واضحة في مسار الحياة اليومية..
ومن هنا، تبدأ معركة الفرز والظواهر المتعددة، التي قد تكون متشابهة في إطار الحركة الدائرة حول الشأن العام، والنظرة إليها من خلال أطر عامة، ومبادئ عادية، أو مختلفة بحكم مصالح ذاتية وشخصية، أو متصادمة في عمليات استقطاب لمقاصد وأحداث ذات ارتباطات وغايات قد تمتد إلى أبعاد ومرامي واسعة الأفاق، تتجاوز الاعتبارات المحلية إلى الإقليمية والدولية أحياناً..
وهكذا يشهد لبنان اليوم، هذه القابلية للتفاعل مع ما يجري في المنطقة، من الحيز الضيق إلى الآفاق الواسعة، كما جرت العادة في مختلف مراحل الحياة السياسية والاجتماعية، التي كانت بمثابة مرآة مزدوجة: عاكسة ومعكوسة للتشابكات بكل ألوانها وأبعادها..
لقد عرفت صيدا، مثل غيرها من مناطق أخرى، بروز ظواهر معينة، إما بحكم الوقائع المتشابكة على الأرض، وإما بحكم الأحداث والأغراض التي قد تكون مبدئية أو مادية..
كانت صيدا دائماً لاعباً جيداً، وساحة كبيرة لمثل الكثير من الظواهر المستجدة بفعل أيضاً دوران الحركة المتأثرة والمؤثرة، بحيث تطفو بين فترة وأخرى على السطح معالم ظواهر جديدة في هذا المجتمع، الذي تتسع أفاقه إلى حدود ما وراء البحار والوهاد..
اليوم، تشهد مدينة صيدا ما يُسمى ظاهرة الشيخ الأسير، التي أصبحت حديث الناس ما بين صيدا ولبنان إلى مختلف تضاريس الواقع السياسي والاجتماعي الدائر في حلقة التشعبات والتشابكات والتفاعلات..
وتطرح الأوساط السياسية والاجتماعية بل والدينية، الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام، حول الآفاق التي قد تنطوي عليها مثل هذه الظاهرة. لماذا في هذا التوقيت بالذات، ولماذا في زحمة الجمعيات والمؤسسات الدينية، وما هو المقصود بها ومنها، ومن يقف وراءها، وما هي الأدوار أو الدور المرسوم لها، وما هي مفاعيلها الآنية والمستقبلية، والمدى الذي قد تصل إليه، وتأثيراته في واقع الحاضر والمستقبل..
«اللواء» تعرض على حلقات الأبعاد السياسية والاجتماعية لهذه الظاهرة، من خلال الحوار الصريح والمباشر مع الشيخ أحمد الأسير، على أن يتبعه يوم الجمعة المقبل عرض لمواقفه من مختلف الأفرقاء على الساحة اللبنانية، وتكون الحلقة الأخيرة الأربعاء التالي لتسجيل مواقف وردود فعل القوى السياسية والمرجعيات الدينية لبروز هذه الظاهرة، مع التأكيد على إفساح المجال لأي رد لكل من يتم التطرق إليه في هذا الملف..

كلام السنيورة أنهى الإشكال مع «المستقبل» وللسيدة بهية كل المودة والإحترام

يؤكد الشيخ الأسير «عدم الخوض في تفاصيل السياسة، ولكن كل ملف يكون تحت عنوان رفع الظلم والدفاع عن وجودنا وأمننا، وأمن بلدنا سنقاربه بطريقة سلمية».
ويؤمن إمام «مسجد بلال بن رباح» «أن التحرك السلمي ورفع الصوت، هو الأجدى والأفضل لتبيان وتوصيف الواقع»، مبدياً حرصه على «التواصل بما يخدم القضية الإسلامية ويُشعر بالأمن والاطمئنان للمسلمين والمسيحيين، ونصرة المظلومين أينما كانوا».
اللافت في ظاهرة الشيخ الأسير أنها خلافاً لحركات وتيارات أخرى، كانت تنطلق خارج مدينة صيدا والجنوب، لتكون المدينة متلقياً لها، إذ بتحركه أو الصرخة التي أطلقها، تنطلق «من عاصمة الجنوب»، ليتردد صداها ليس في المدينة والجوار فقط، بل إلى مختلف المناطق اللبنانية، وإلى أبعد من ذلك – أي خارج الحدود، وتحديداً لما يجري في سوريا.
هذا الواقع المفروض، استطاع فيه الشاب الصيداوي، وخلال أشهر قليلة، تحقيق ما عجزت عنه أحزاب وقوى وتيارات وقيادات روحية وسياسية وحزبية، لها باعٌ طويل، وعمل مخضرم على مر السنوات.
من هنا، تكمن أهمية حركة الشيخ الأسير، في تناوله وتطرقه إلى مواضيع حساسة، ربما لم يتجرأ البعض على مقاربتها بشكل صريح وواضح، وهو ما يحتاج المواطنون إلى سماع مثل تلك النبرة ربما، فتحولت خطب الجمعة في «مسجد بلال بن رباح» إلى مناسبة أسبوعية يطل من خلالها الشيخ، داعياً، وواعظاً، وخطيباً سياسياً، ومُشرّحاً للأمور بكل تفاصيلها، بما يُمكن استيعابه من قبل المصلين على مختلف فئاتهم العمرية، وحتى ذكوراً وإناثاً، في وقت يندر فيه عدد المصلين في مساجد أخرى في المدينة، وهو ما يطرح جملة من التساؤلات لشكل أساليب ووسائل الجذب والاستقطاب، التي تنسحب أيضاً على الندوات والمحاضرات الفكرية التي يُلقيها بشكل دوري.
لعل البارز أن الصرخة ورفع الصوت لم يكن في المسجد فقط، بل تعدى ذلك إلى القيام بتنفيذ اعتصامات وتحركات في طليعتها وعنوانها نصرة الشعب السوري ضد المجازر التي تُرتكب بحقه، وتجاوز ذلك محيط المسجد بالتوجه إلى القيام باعتصامات ومسيرات نحو بلده الهلالية، ثم إلى صيدا، وهو ما قررت فاعليات المدينة النأي بنفسها عنه، سواء نصرة لسوريا الأسد أو للشعب السوري، قبل أن تلحق به القوى المؤيدة أو المعارضة للنظام السوري، بتنفيذ اعتصامات ولقاءات تضامنية في المدينة، ولكن بقيت كل الأمور «ممسوكة» و«مضبوطة الإيقاع» لمنع محاولات استغلال الساحة الصيداوية كساحة تلج إليها الفتنة، وهي في غنى عنها، نظراً لخصوصيتها الفريدة جداً في تعايش داخلي أو بين كل قوى المدينة الرئيسية، وتجانس مع الجوار، وتحديداً مخيم عين الحلوة، وشرقاً باتجاه شرقي صيدا، وتنسيقاً باتجاه الجنوب.
مواقف الشيخ الأسير الصيداوية تتوزع بين من يؤيدها، وهذا ينقسم بين العلنية أو التحفظ والسرية، وكتم البوح بالموقف لاعتبارات متعددة.. وبين من يسعى إلى الاستفادة من هذه الحالة، لأنها تُعبر عن قناعاته، دون أن يكون في «بوز المدفع».. أو أنه لا يريد أن يرفدها مشاركة حتى لا تكبر «الحالة الأسيرية».. فيما البعض يرى أن هذا الواقع هو على حساب مناصرين له، بعضهم تَرك لمواكبة هذه الحالة، والآخر ما زال مناصراً ولا يبوح بما يختزنه، ويواظب على المشاركة في نشاطات «مسجد بلال بن رباح».. بينما هناك من اعتبر أن هذا التحرك يُزاحمه فلحق به وأيده، أو قام بتحركات مماثلة، أو أجاب بمزايدات عن تأييده لهذا الحراك حتى لا يُحرج.
في المقابل، هناك جانب آخر لا يبدي رأياً بشأن هذه الحركة لا إيجاباً ولا سلباً، وهو في منطقة ضبابية.. يواجههم جو هو ضد هذا الحراك، سواءً اقتناعاً ودعماً لسوريا، وما قدمته للبنان والمقاومة، أو مسايرةً لقوى أخرى، هي في دائرة هذا الفلك، أو لحسابات خاصة.
البداية…
انطلاقة الشيخ الأسير، تعود إلى عدة سنوات، عندما اختار خط الدعوة والتبليغ، وقام بزيارات في هذا الإطار داخل مدينة صيدا والجوار، وصولاً إلى شرقها والجنوب، ومختلف المناطق اللبنانية، بل إلى أبعد من ذلك – أي خارج لبنان، بهدف نشر الدعوة الإسلامية، وحث الناس على التزام التعاليم الإسلامية، انطلاقاً من فكرة بناء أعمال المساجد، ويعود بالذاكرة ليتحدث عن تلك الحقبة بالقول: «لقد بدأت عملي الدعوي منذ العام 1989 في مدينة صيدا، من خلال مساجدها، ثم انطلقت إلى مساجد الجنوب، وتحديداً في المخيمات والمناطق السنية، مثل: البرغلية، الشبريحا، الواسطة، ضيعة العرب والعاقبية، وكذلك إلى عرسال والقرى البقاعية، وفي وادي خالد وعكار والشمال، من خلال القيام برحلات دعوية كنا ننسق فيها مع «دائرة الأوقاف» وأئمة المساجد الذين نزور مساجدهم».
ويتابع: «استمريت بذلك، وتابعت تحصيلي العلمي في «كلية الشريعة» التابعة لـ «دار الفتوى» في بيروت، وكان مديرها – آنذاك – الشيخ عبدالرحمن الحلو – وحالياً هو قاضٍ، ونلت «ليسانس» في علوم الشريعة، وتسجلتُ لرسالة «الماجستير» في الفقه المقارن، وأخذت الموافقة عليه، ولكن لم أقدّم البحث لانشغالي الشديد».
إذا كانت بداية الشيخ الأسير في الدعوة من خلال المساجد في مدينة صيدا، فإنها توسعت لتشمل مناطق أخرى، ولكن من اللافت أن عدداً كبيراً ممن كانوا معه في بداية انطلاقته في الدعوة والتبليغ، ليسوا الآن معه، فيجيب عن ذلك: «لقد تمايزت عن عمل الدعوة والتبليغ، ويُمكن تسميتها «حركة إسلامية عالمية»، لأنني ما فهمته تميز عن الذي تُمارسه جماعة الدعوة والتبليغ مئة بالمئة، وأنا أركز في دعوتي على عوام المسلمين، وهم السواد الأعظم غير «المؤطرين» بأطر معينة حزبية أو حركية، لأنني تأملت جيداً حركة النبي (صلى الله عليه وسلم) الدعوية، لأنه كان يقصد كل إنسان، ويطرق بابه، لذلك انتهجت ذلك ودخلت إلى خمارات ونوادٍ ومقاهٍ، داعياً الناس فيها إلى القيام بأعمال المساجد، وما زلنا نقوم بهذا العمل».
توجه الشيخ الأسير إلى عوام المسلمين، يعتبره «سبباً رئيسياً في الالتفاف حوله، ليس فقط من المصلين، بل من مسلمين وحتى مسيحيين».
العلاقة الصيداوية
وعن علاقته الصيداوية، يُمكن من خلال مواقف الشيخ الأسير، تحديد نسب التفاوت فيها، فيؤكد «إنني على علاقة طيبة جداً مع مفتي صيدا ومنطقتها الشيخ سليم سوسان، وهناك تعاون بيننا»، وينفي أن يكون موظفاً في «دار الأوقاف الإسلامية» في صيدا، ويُشير إلى «أن هناك تقصيراً في «دار الفتوى» و»دائرة الأوقاف»، هناك تقصير إداري في ملاحقة بعض الملفات، ومنها تفاصيل في المقبرة، التي تحتاج إلى ملاحقة دؤوبة، وهذا يدل على تقصير بشكل عام، ليس من مفتي صيدا فقط، بل الإدارة فيها، وهناك تقصير عام لدى المشايخ، وأنا أولهم».
ويأخذ الشيخ الأسير باللوم على «تيار المستقبل» «بعد الهجوم الشرس على دعوتنا، ووصفها بالتطرف، حيث طالبتُ قيادة «تيار المستقبل» بأن يصححوا الوضع، من خلال الاعتذار أو التوضيح عما قاله وزراء ونواب حاليون وسابقون، تحدثوا باسم التيار، ومنهم من قال: «نحن في «تيار المستقبل» لا نؤيد ظاهرة الأسير، لأن التطرف يأتي بالتطرف».. وأنا طالبتهم بأن يبينوا لي أين التطرف لأتوب عنه.. وجاء توضيح الرئيس السنيورة بالقول: «نحن ليس دورنا أن نصنف الناس، ولا أن نتهم الناس بأنهم متطرفون أو غير ذلك، ونحن لم نقم كتيار باتهام الشيخ أحمد الأسير بأنه متطرف»، وهذا الكلام يؤكد أن ما قاله بعض النواب في «تيار المستقبل» لا يُعبّر عن الموقف الرسمي للتيار، وبناءً عليه قبلنا توضيح الرئيس السنيورة الرسمي عن تيار المستقبل».
ويُشير إلى «أن العلاقة مع الرئيس السنيورة، محدودة، ونشكره على موقفه التوضيحي» ويؤكد «أن العلاقة مع النائب بهية الحريري، هي علاقة ود واحترام متبادلة، وهي أخت عزيزة وفاضلة».
ابن «الجماعة الإسلامية» في فترة الشباب، التي تركها بعد أن أمضى فيها ثلاثة أعوام، يكشف «أتفق مع الجماعة في معظم العناوين، مثلاً الثورة السورية، قضية فلسطين، الدعوة الإسلامية، التوعية، التعليم، ولكن في الآليات غالباً هناك تباين بين الحركات عموماً، وكذلك عندنا».
الشيخ الحريص على العلاقة مع «الجماعة» بعد بروز حالته زار مقرها في صيدا، ثم مركزها الرئيسي في بيروت، والتقى أمينها العام الشيخ إبراهيم المصري، ويجزم «لم أجد بأن الذين ناصروني، أو تعاطفوا معنا هم من جمهور «الجماعة الإسلامية»، يُمكن أن يكون هناك أفرادٌ وأشخاص بصفة محددة، وبصفة شخصية، وعلى كل الأحوال، نحن نتكامل فيما بيننا، ولا نتعارض، وجهدنا في المسجد لا يأخذ طابع التنظيم الحزبي، ولذلك لا أجد أن جهدنا يتعارض مع إخواننا في الجماعة الإسلامية»..
أما بشأن القوى التي أيدته في بعض مواقفه أو تحركاته، فيشير الداعية الأسير إلى «أن العلاقة جيدة مع «جمعية الاستجابة»، والجو السلفي في منطقة صيدا، وكذلك مع «حزب التحرير»، على الرغم من التباين في بعض الأداء».
لا جناح سياسياً ولا عسكرياً
الشاب الصيداوي يبدي كل الحرص على أن تكون علاقته جيدة مع جميع الأطراف، حتى من يُخالفه في السياسة، ويشير إلى أنه «لا يوجد تواصل حالياً مع (رئيس «التنظيم الشعبي الناصري») الدكتور أسامة سعد، بعدما كنت قد تبادلت وإياه الزيارات».. فيما يعترف بأنه «بيننا وبين الدكتور عبدالرحمن البزري زيارات متبادلة بين الحين والآخر».
ويلمح إلى أنه «لم ألتقِ منذ فترة طويلة جداً بالقاضي الشيخ أحمد الزين».. بينما يجزم بأنه «ليس هناك علاقة بيننا مع (إمام «مسجد القدس» في صيدا) الشيخ ماهر حمود، خصوصاً بعد التصريح الذي أدلى به إلى إحدى القنوات الفضائية، وقال بأنني أتقاضى أموالاً من قطر والسعودية».
ولا يعلق بأي كلام حول العلاقة مع «تيار الفجر» في صيدا.
ويستنكر الأحداث التي وقعت في مدينة صيدا ومنها التي ذهب ضحيتها الصيرفي الصيداوي محمد الناتوت «أبو مازن»، مطالباً الدولة «أن تضرب بيد من حديد على كل من تخول له نفسه المساس بالأمن، وأن تُفعل الأجهزة الأمنية دورها الميداني على الأرض، وكذلك الشرطة البلدية من أجل إدخال الطمأنينة إلى قلوب الناس في صيدا، فأهلها طيبون».
ويشدد أنه «لا يجوز شرعاً القيام بأي عمل أمني، وأنه ضد أي عمل مسلح داخل لبنان، خارج إطار الدولة اللبنانية، حتى وأنه لا يجوز شرعاً استهداف محلات بيع الخمور، وكنت أدخل إليها لحث روادها على الالتزام بالتعاليم الإسلامية التي تنهى عن الفحشاء والمنكر».
وعن العلاقة مع الفنان فضل شاكر واقتناعه ومناصرته للشيخ الأسير، يرى «أن هذا يدل على أن دعوتنا هي الأساس، فهو تأثر بدعوتنا قبل أحداث سوريا، وكان يتردد لسماع خطب الجمعة والصلاة، وبفضل الله عز وجل اقتنع بخطبتنا ودعوتنا وأخذ بها». ويشير إلى أنه «وفق ما سمعته منه أنه يريد أن يترك الفن ويسعى إلى إيجاد بديل عنه، لأن عليه مسؤولية عائلية كبيرة، وأعتقد أنه يسعى كما علمت بالتركيز على الأناشيد والمدائح والأغاني الثورية، وما شابه ذلك, ونسأل الله عز وجل له بالنجاح».
ويوضح «إن أي نشاط أقوم به هو فقط من خلال «جمعية مسجد بلال بن رباح» في منطقة عبرا – صيدا»، نافياً النية «إقامة مشاريع، سواء في الجنوب أو إقليم الخروب أو البقاع أو الشمال، ولكن هناك مشروع لإقامة مجمع ثقافي يتضمن مسجداً ومدرسة نموذجية على عقار في جادة نبيه بري في حارة صيدا، نسعى لبناء هذا المجمع لحاجتنا إليه هنا في هذه المنطقة، من أجل تعميم فكرة بناء أعمال المساجد، وليس هناك أي مشروع آخر، لا في المغيرية – كما يُقال – أو في أي مكان آخر».
ولأن كل حركة لا بد أن يكون لها جناح سياسي وآخر عسكري، يرد الشيخ الأسير على ذلك بالقول: «لا أريد لعملنا الدعوي أن يأخذ إطاراً حزبياً وتنظيمياً، فنحن لسنا بهذا الوارد، وبالتالي ليس هناك جناح سياسي، ولن يكون هناك بالتأكيد جناح عسكري، لأنني ضد التسلح في لبنان».
وينفي نيته «خوض الانتخابات النيابية أو الوصول إلى مراكز ومناصب سياسية، أو حتى دينية»، ولا أدعم أحداً لمثل ذلك، حتى الذين يتعاطفون معنا، ومع مواقفنا، ومع دعوتنا، وهم كثر في الشارع الإسلامي، وحتى من شرائح الشارع المسيحي، فلست بصدد التنسيق مع من يتعاطف معنا لخوض الانتخابات أو الوصول إلى مراكز وما شابه، وإذا ما كان هناك من يُقدم نفسه لأي مركز، فيكون ذلك بصفة شخصية وليس مدعوماً منا».
الداعية، الذي يؤكد «أن القضية الفلسطينية هي في الأولويات»، يرى «أنها القضية المركزية، ويجب أن نقدم ما يُمكن في سبيل نصرتها، وهناك ظلم كبير يقع على إخواننا في المخيمات الفلسطينية، وفي كل المناطق اللبنانية، أطالب دائماً بأن يُعطوا حقوقهم الإنسانية بالدرجة الأولى، فمن يدخل المخيمات يُدرك تماماً أن الإخوة الفلسطينيين يعيشون حياة لا نقبل بها ونرفضها، ومن يتهم المخيمات بأنها «بؤراً أمنية» تُصدر «الإرهاب»، عليه أن يسأل نفسه، ماذا قدم لهذه المخيمات من مساعدات إنسانية واجتماعية وعلمية وما شابه».
الشيخ، الذي كان يزور المخيم سابقاً مراراً، يعترف بأنه مقصرٌ في ذلك «بسبب انشغالي الكبير بالدعوة»، ويوضح «أن العلاقة مع (مسؤول «الحركة الإسلامية المجاهدة» وإمام «مسجد النور» في المخيم) الشيخ جمال خطاب و»عصبة الأنصار الإسلامية « والقوى والأفرقاء داخل المخيم، بسيطة جداً بسبب انشغالي بالدعوة».
الجيش وعين الحلوة
وخلافاً للتأويلات حول تصريحه بشأن واقع مخيم عين الحلوة، فإنه يؤكد «أن الجيش اللبناني هو الضامن للأمن والاستقرار والسلم الأهلي، وندين أي استهدافٍ له، ومن أي كان، ومن حق الجيش اتخاذ كل الإجراءات اللازمة للحفاظ على أمن البلد، وأنا مع بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، بما فيها الضاحية الجنوبية والمخيمات، مع ضمان الحفاظ على تسهيل حياة الإخوة الفلسطينيين، وعدم التعرض لكراماتهم».
ولا يعلق حول ما سُمي بـ «الخلية التكفيرية»، بل يُطالب قيادة الجيش «ببيان توضيحي بشأنها، والذي لم يصدر حتى الآن»، ويشجب ويستنكر «كل التصريحات التي تدعو إلى أن يكون هناك نهر بارد ثانٍ وثالث في المخيم من أجل مطلوب للعدالة».
ويبدي الشيخ الأسير ارتياحه، إلى أن حركته تجاوزت الشارع السني والإسلامي تحديداً، إلى الشريك المسيحي، «التعاطف الذي لمسته من شركائنا في لبنان، من مسيحيين وطوائف عديدة، كان جيداً لأنهم يحكمون على الخطاب والموقف، وهو ما جعلهم يتعاطفون معنا».
ويتابع: «علاقتي جيدة جداُ مع المسيحيين، فأنا أقيم في بلدة مسيحية، هي شواليق (قضاء جزين)، وجيراني مسيحيون وعلاقتي بهم جيدة جداً، كما زرت راعي أبرشية صيدا ودير القمر لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك المطران إلياس الحداد، وتداولنا في عدة قضايا، منها العلاقة الإسلامية – المسيحية، وأحرص على أن تكون لدي علاقة جيدة مع كل الطوائف والمذاهب».
ويعترف بأنه «مشغول ومضغوط جداً، وفوق التصور، وهذا الذي يحول دون المشاركة في كل المناسبات، حتى واجبي تجاه عائلتي وأمي وأولادي لا أقوم به كما ينبغي».
ويُفضل أن يُقال عن حركته أو تحركه «عمل «الدعوي»، أو الداعية الشيخ أحمد الأسير فقط»، مع تأكيده أنه «لست بصدد تأليف جماعة، أو تيار، أو حزب، فلا أحب تسميات الحالة «الأسيرية»، أو الظاهرة «الأسيرية»، أو الحركة «الأسيرية»، فأرفض كل هذه التسميات».
ولأنه يُقدم نفسه على أنه من الداعين والعاملين في العمل الدعوي، لماذا لا يبدأ بالساحة السنية الصيداوية، فيجيب عن ذلك الشيخ الأسير: «إن المواضيع التي أُقاربها تُسمى سياسية، ولكن هي تحت عنوان «رفع الظلم»، أما المسائل الأخرى، فقد تحتاج إلى جهد كبير، وربما لا أكون أهلاً لها في هذه المرحلة الآن»..
(الحلقة الثانية بعد غد الجمعة)
{ ليحدّدوا
أين التطرّف
في مواقفي وخطابي حتى أتوب عنه..!

مع انتشار الجيش في الضاحية الجنوبية
وحول المخيمات الفلسطينية…

نُطالب الجهات المعنية بتوضيح مسألة
«الخلية التكفيرية» في المؤسسة العسكرية

علاقتي جيدة بالفاعليات الصيداوية
باستثناء أسامة سعد وماهر حمود

من هو الشيخ
أحمد الأسير؟
{ الشيخ أحمد الأسير: مواليد صيدا 1968.
– والده هلال الأسير، مطرب سابقاً.
– والدته شيعية من آل حاجو من منطقة صور.
– تخصص في الإلكترونيك في الخامسة عشر من عمره.
– في السادسة عشرة التزم دينياً، ثم التحق في «الجماعة الإسلامية» – صيدا.
– حاول التأسيس لعمل الدعوة – التبليغ في صيدا والجنوب.
– لدى تأسيس «مسجد بلال بن رباح» في العام 1997، ركز على عمل المسجد والدعوة والتعليم والتعلم.
– درس في «كلية الشريعة» التابعة لـ «دار الفتوى الإسلامية» في بيروت، ونال منها «ليسانس» في علوم الشريعة، وحاز على موافقة لرسالة «ماجستير» في الفقه المقارن، ولكن لم يُقدم البحث لانشغالاته اليومية.
– يُذكر في صيدا أن جد الشيخ أحمد الأسير، هو يوسف بن عبدالقادر بن محمد الحسيني. أما لقب «الأسير» فقد اشتهرت به العائلة، لأن أحد أجداده أسره «الفرنجة» في مالطا، ولما عاد إلى صيدا عُرف بين أهلها باسم «الأسير».

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *